وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾
فيه أربع مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ ابتداء وخبر.
﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ من الخلق.
﴿ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إناثا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذكور ﴾ قال أبو عبيدة وأبو مالك ومجاهد والحسن والضحاك : يهب لمن يشاء إناثاً لا ذكور معهنّ، ويهب لمن يشاء ذكوراً لا إناث معهم ؛ وأدخل الألف واللام على الذكور دون الإناث لأنهم أشرف فميزهم بسمة التعريف.
وقال واثلة بن الأسقع : إن مِن يُمْن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أن الله تعالى قال :﴿ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذكور ﴾ فبدأ بالإناث.
﴿ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً ﴾ قال مجاهد : هو أن تلد المرأة غلاماً ثم تلد جارية، ثم تلد غلاماً ثم تلد جارية.
وقال محمد بن الحنفية : هو أن تلد تَوْأماً، غلاماً وجارية، أو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً.
قال القتبيّ : التزويج هاهنا هو الجمع بين البنين والبنات ؛ تقول العرب : زوّجت إبلي إذا جمعت بين الكبار والصغار.
﴿ وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً ﴾ أي لا يولد له ؛ يقال : رجل عقيم، وامرأة عقيم.
وعَقِمَت المرأة تَعْقَم عَقْماً ؛ مثل حَمِد يَحْمَد.
وعَقُمت تَعْقُم، مثل عُظم يعظم.
وأصله القطع، ومنه المُلْك العقيم، أي تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق خوفاً على الملك.
وريح عقيم ؛ أي لا تلقح سحاباً ولا شجراً.
ويوم القيامة يوم عقيم ؛ لأنه لا يوم بعده.
ويقال : نساء عُقُم وعُقْم ؛ قال الشاعر :
عُقِم النساء فما يَلِدْنَ شبيهه...
إن النساء بمثله عُقْمُ
وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في الأنبياء خصوصاً وإن عمّ حكمها.


الصفحة التالية
Icon