الثانية قال ابن العربي : إن الله تعالى لعموم قدرته وشديد قوّته يخلق الخلق ابتداء من غير شيء، وبعظيم لطفه وبالغ حكمته يخلق شيئاً من شيء لا عن حاجة ؛ فإنه قدّوس عن الحاجات سلام عن الآفات، كما قال القدوس السلام ؛ فخلق آدم من الأرض وخلق حوّاء من آدم وخلق النشأة من بينهما منهما مرتباً على الوطء كائناً عن الحمل موجوداً في الجنين بالوضع ؛ كما قال النبي ﷺ :" إذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة أذْكرا وإذا سبق ماءُ المرأة ماءَ الرجل آنثا " وكذلك في الصحيح أيضاً :" إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه الولد أعمامه وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله ".
قلت : هذا معنى حديث عائشة لا لفظه خرّجه مسلم من حديث عروة بن الزبير عنها " أن امرأة قالت لرسول الله ﷺ : هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ فقال :"نعم" فقالت لها عائشة : تَرِبَتْ يداك وألّت ؛ فقال رسول الله ﷺ :"دعِيها وهل يكون الشبه إلا مِن قِبَل ذلك.
إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه" " قال علماؤنا : فعلى مقتضى هذا الحديث أن العلو يقتضي الشبه ؛ وقد جاء في حديث ثَوْبان خرجه مسلم أيضاً أن النبي ﷺ قال لليهودي :" ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مَنِيُّ الرجل مَنِيَّ المرأة أذْكرا بإذن الله وإذا علا مَنِيُّ المرأة مَنِيَّ الرجل آنثا بإذن الله...
" الحديث.


الصفحة التالية
Icon