يخلصك منهم "أَمْ يَحْسَبُونَ" هؤلاء الكفرة الذين يريدون اغتيالك بما تسول لهم أنفسهم الضالّة الغاشمة فيظنون "أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى " وحياتك يا حبيبي أنا أسمع له منهم وأعلم بما تحدثه به أنفسهم "وَرُسُلُنا" أيضا الموكلون بالخلق والمرسلون لهذه الغاية "لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ" ٨٠ ما يقع منهم سرا وعلنا لا يتركون منه شيئا، لأنا أرسلناك لتدبر لهم أسباب الرحمة الدائمة رحمة بهم، وهم يحيكون لك أسباب العذاب ليجلوك أو يحبسوك أو يقتلوك ولجهلهم لا يعلمون أنا حافظوك منهم ومن غيرهم ومؤيدوك عليهم، وهذا إيماء لحضرة الرسول بالهجرة عن قومه الذين أشغلوا أنفسهم بكيفية التخلص منه وهو متعب نفسه الكريمة بماهية خلاصهم من الكفر وإنجائهم من العذاب، ولكن كل ينفق مما عنده، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
"قُلْ" يا سيد الرسل لهؤلاء الذين يزعمون أن الملائكة بنات اللّه "إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ" كما تظنون "فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ" ٨١ له المعظمين شأنه ولسبقتكم بطاعته كما يعظم ابن الملك احتراما للملك، وهذا على سبيل الفرض والتمثيل لغرض وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد لأنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال، فالمعلق بها محال مثلها، ونظيره قول سعيد بن جبير للحجاج حين قال له : واللّه لأبدلنك في الدنيا نارا تلظى، فقال سعيد لو عرفت هذا إليك ما عبدت إلها غيرك.


الصفحة التالية
Icon