وقال الفراء :
سورة ( الزخرف )
﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾
قوله عز وجل: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ...﴾.
قرأ الأعمش: "إن كنتم" بالكسر، وقرأ عاصم والحسن: "أنْ كنتم" بفتح (أنْ)، كأنهم أرادوا شيئا ماضيا، وأنت تقول فى الكلام: أأسُبَّك أن حرمتنى؟ تريد إذ حرمتنى، وتكسر إِذا أردت أأسبك إن حرمتنى، ومثله: ﴿ولاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكم﴾ تكسر (إن) وتفتح.
ومثله: ﴿فلعلَّك باخعٌ نفسك على آثارِهم﴾ "إن لم يؤمنوا"، و"أن لم يؤمنوا"، والعرب تنشد قول الفرزدق.
أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا * جهاراً، ولم تجزع لقتل ابن خازم؟
وَأنشدونى:
أتجزع أن بان الخليط المودّع * وجبل الصفا من عزة المتقطع؟
وفى كل واحد من البيتين ما فى صاحبه من الكسر والفتح، وَالعرب تقول: قد أضربت عنك، وَضربت عنك إِذا أردت به: تركتك، وَأعرضت عنك.
﴿ لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَاذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾
وقوله: ﴿لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ...﴾.
يقول القائل: كيف قال: "على ظهوره"، فأضاف الظهور إلى واحد؟
يقال له: إن ذلك الواحد فى معنى جمع بمنزلة الجند والجيش والجميع، فإن قال:
فهلا قلت: لتستووا على ظهره، فجعلت الظهر واحداً إذا أضفته إلى واحد؟