وقيل الأمة بمعنى الجماعة وهو كذلك، إلا أنه لا يتجه هنا "وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ" ٢٢ باتباعهم التقليدي فقط، أخبر اللّه حبيبه محمد صلّى اللّه عليه وسلم بأن قومه مسبوقون بمقالتهم هذه وأنهم ما يقولونها إلا تقليدا لآبائهم كما أن اتّباعهم تقليدي عار عن البرهان على صحة بقوله جل قوله "وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها" رؤساؤها وأغنياؤها "إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ" ٢٣ وقومك كذلك معترفون بهذا التقليد وهو داء قديم فيهم لا يعدل عنه إلا من وفقه اللّه، وفيه تسلية لحضرة الرسول، لأن ما يسمعه من قومه سجية فيهم تناقلوها دون سند أو حجة أو دليل، فيا أكرم الرسل "قل" لهؤلاء المتنطعين "أَ وَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى " بدين أصوب وأعدل وأقوم "مِمَّا" من الدين الذي "وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ" وأحسن منه وأيسر ألا تقبلونه وتتركون دين آبائكم، فأجابوه بما حكى اللّه عنهم رأسا دون ترو بالأمر "قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ" ٢٤ لسوء حظهم وسبق شقائهم، قالوا هذه المقالة القبيحة ولم يوفقوا أن يقولوا يتبعك إذ جئننا بدين خير من ديننا ودين آبائنا، وهذا كقول قوم صالح (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) الآية ٧٦ من الأعراف، قاتلهم اللّه تشابهت قلوبهم، ويشير عدم توفيقهم لقول الحق الذي به نفعهم ما جاء في الآية ٣٢ من سورة الأنفال ج ٢، قال تعالى "فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ" إذ آثروا الكفر على الإيمان باختيارهم ورضاهم "فَانْظُرْ" يا سيد الرسل "كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" ٢٥ من الإهلاك والتدمير "وَ" اذكر لقومك يا محمد "إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ" ٢٦ من الأوثان و