"فَإِمَّا" مركبة من إن الشرطية وما التأكيدية للشرط مثل لا التي في الاقسام "نَذْهَبَنَّ بِكَ" لنمينك وننقلك إلى الدار المهيأة لكرامتك قبل أن نوقع فيهم ما قدر لهم من العذاب "فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ" ٤١ لك منهم بعدك في الدنيا وفي الآخرة لا محالة، لأنا لا نتركهم سدّى وهم قد فعلوا ما فعلوا، واقتصر بعض المفسرين هنا على عذاب الآخرة وبعضهم على عذاب الدنيا لقوله تعالى (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) إلخ الآية ٤٣ من سورة يونس المارة والقرآن يفسر بعضه بعضا، وما جرينا عليه أتمّ فائدة وأوفق بإطلاق الانتقام، وأما تلك الآية فليس فيها ذكر الانتقام فلا تدل على تخصيص العذاب في الدنيا، لأن من يهدده اللّه بعذابه في الآخرة لا يؤمنه من عذاب الدنيا، كما أن من يعذبه في الدنيا لا يحتم عذابه في الآخرة "أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ" به من العذاب الدنيوي قتلا وأصرا وجلاء في حياتك "فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ" ٤٢ في كل وقت، وهذا من قبيل التسلية لحضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم وإعلاما له بإنجاز وعده إياه بالانتقام الشديد من المشركين في حياته أو بعد وفاته، وقد كررت هذه الآية معنى في الآية ٤٦ من يونس والآية ٧٧ من المؤمن المارتين وفي الآية ٤٠ من سورة الرعد في ج ٣ وغيرها لأنها بمثابة العهد لحضرة الرسول من ربه عز وجل بنصرته والانتقام له من أعدائه، قال تعالي يا محمد "فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ" من هذا القرآن وأدم العمل به كما أنت عليه "إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" ٤٣ في طريقتك لا ميل فيها ولا عوج "وَإِنَّهُ" القرآن الموحى إليك "لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ" في حياتك وبعد موتك وشرف عظيم تذكرون فيه بالملأ الأعلى وفي الأرض "وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ" ٤٤ عنه يوم القيامة هل قمتم بحقه فشكرتموه حق شكره وعظمتم منزله حق تعظيمه أم لا راجع الآية ٣٠ من سورة