والرابع : معناه لنجازي، وذلك متعارف، نحو قولك : سأعلم حسن بلائك ؛ أي : سأجزيك على حسب مقتضى علمي قبل، فعبّر عن الجزاء بالعلم لما كان هو سببه.
والخامس : أن عادة الحليم إذا أفاد غيره علماً أن يقول : تعال حتى نعلم كذا، وإنما يريد إعلام المخاطب، لكن يُحله نفسه محل المشارك للمتعلم على سبيل اللطف. انتهى.
والوجه الثالث هو الذي اختاره الإمام ابن جرير قال : أما معناه عندنا : ما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رسول وحزبي وأوليائي : من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه.
قال : وكان من شأن العرب إضافة ما فعلته أتباع الرئيس، إلى الرئيس، وما فعل بهم، إليه. نحو قولهم : فتح عُمَر بن الخطاب سواد العراق وجبى خراجها، وإنما فعل ذلك أصحابه، عن سببٍ كان منه في ذلك، وكالذي روي في نظيره عن النبي ﷺ أنه قال :< يقول الله جل ثناؤه : مرضت فلم يعدني عبدي، واستقرضته فلم يقرضني > فأضاف، تعالى ذكره، الاستقراض والعيادة إلى نفسه، وقد كان ذلك بغيره، إذ كان ذلك عن سببه.
قد حكي عن العرب سماعاً : أجوع في غير بطني، وأعرى في غير ظهري ؛ بمعنى جوع أهله وعياله وعري ظهورهم. فكذلك قوله :﴿ إِلَّا لِنَعْلَمَ ﴾ بمعنى : يعلم أوليائي وحزبي.


الصفحة التالية
Icon