وتحرير القول فيه هو أن المفتوح في الأصل مَصْدَرٌ، ولذلك استوى في الوصف به الواحدُ وغيره، والمؤنَّث والمذكَّر، والسَّاكن ظَرْفٌ، والغاب فيه عدم التصرُّف، وقد جاء متمكِّناً في قول الفرزدق :[ الطويل ].
٨٢٤ - أَتَتْهُ بِمَجْلُومٍ كَأَنَّ جَبِينَهُ...
صَلاَءَةُ وَرْسٍ وَسْطُهَا قَدْ تَفَلَّقَا
روي برفع الطَّاء، والضمير لـ " صلاءة "، وبتفحها والضمير للجائية.

فصل في الكلام على قوله : لتكونوا


قوله تعالى :" لِتَكُونُوا " يجوز في هذه اللام وجهانِ :
أحدهما : أن تكون لام " كي " فتفيد العلة.
والثاني : أن تكون لام الصيرورة، وعلى كلا التقديرين فهي حرف جر، وبعدها " أن " مضمرة، وهي وما بعدها في محلّ جر، وأتى بـ " شهداء " جمع " شهيد " الذي يدلّ على المبالغة دون شاهدين وشهود جميع " شاهد ".
وفي " على " قولان :
أحدها : أنها على بابها، وهو الظاهر.
والثاني : أنها بمعنى " اللام "، بمعنى : أنكم تنقلون إليهم ما علمتموه من الوحي والدين، كما نقله الرسول - عليه السلام - وكذلك القولان في " على " الأخيرة، بمعنى أن الشهادة لمعنى التزكية منه - عليه السلام - لهم.
وإنما قدم متعلّق الشهادة آخراً، وقدم أولاً لوجهين :
أحدهما : وهو ما ذكره الزمخشري أن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم، وفي الآخر اختصاصهم بكون الرسول شهيداً عليهم.
والثاني : أن " شهيداً " أشبه بالفَوَاصل والمقاطع من " عليكم "، فكان قوله " شهيداً " تمام الجملة، ومقطعها دون " عليكم "، وهذا الوجه قاله الشيخ مختاراً له رادّاً على الزمخشري مذهبه من أن تقديم المعفول يشعر بالاختصاص، وقد تقدم ذلك.
وقوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلْنَا القبلة التي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرسول مِمَّن يَنقَلِبُ على عَقِبَيْهِ...
في هذه الآية خمسة أوجه :


الصفحة التالية
Icon