أحدها : أن " القبلة " مفعول أول، و" التي كنت عليها " مفعول ثان، فإن الجعل بمعنى التصيير، وهذا ما جزم به الزّمخشري فإنه قال :﴿ التي كُنتَ عَلَيْهَآ ﴾ ليس بصفة للقبلة، إنما هي ثاني مفعوليْ جعل، يريد : وما جعلنا القِبْلَةَ الجهة التي كنت عليها، وهي الكَعْبَة ؛ لأنه ﷺ كان يصلي بـ " مكة " إلى الكعبة، ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس، ثم حول إلى الكعبة.
الثاني : أن " القِبْلَة " هي المفعول الثاني، وإنما قدم، و" التي كنت عليها " هو الأول، وهذا ما اختاره الشيخ محتجّاً له بأن التصيير هو الانتقال من حَالٍ إلى حَالٍ، فالمتلبس بالحالة الأولى هو المفعول الأول، والمتلبس بالحالة الثانية هو المفعول الثاني، ألا ترى أنك تقول : جعلت الطين خزفاً، وجعلت الجاهل عالماً، والمعنى هنا على هذا التقدير : وما جعلنا القِبْلَة الكعبة التي كانت قبلة لك أولاً، ثم صرفت عنها إلى " بيت المقدس " قبلتك الآن إلا لنعلم.
ونسب الزمخشري في جعله " القِبْلَة " مفعولاً أول إلى الوهم.
الأصح : أن " القِبْلَة " مفعول أول، و" التي كنت " صفتها، والمفعول الثَّاني محذوف تقديره : وما جعلنا القِبْلة التي كنت عليها منسوخة.
ولما ذكر أبو البقاء هذا الوجه قدره : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها قبلة، ولا طائل تحته.
الرابع : أن " القبلة " مفعول أول، و" إلاَّ لنعلم " هو المفعول الثَّاني، وذلك على حذف مضاف تقديره : وما جعلنا صرف القِبْلَة التي كنت عليها إلا لنعلم، نحو قولك : ضرب زيد للتأديب، أي : كائن، أو ثابت للتأديب.
الخامس : أن " القبلة " مفعول أول، والثاني محذوف، و﴿ التي كُنتَ عَلَيْهَآ ﴾ صفة لذلك المحذوف، والتقدير : وما جعلنا القِبْلة القبلة التي، ذكره أبو البقاء، وهو ضعيف.
وفي قوله :" كُنْتَ " وجهان :


الصفحة التالية
Icon