وأما على غيره فهو استثناء مفرّغ من المفعول العام، أي : ما سبب تحويل القبلة لشيء من الأشياء إلاَّ لكذا.
وقوله :" لِنَعْلَمَ " ليس على ظاهره، فإن علمه قديم، ونظره في الإشكال قوله :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين ﴾ [ محمد : ٣١ ].
وقوله :﴿ ١٦٤٩; لآنَ خَفَّفَ الله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ﴾ [ الأنفال : ٦٦ ]، وقوله :﴿ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى ﴾ [ طه : ٤٢ ]، وقوله :﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ ﴾ [ العنكبوت : ٣ ].
وقوله :﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بالآخرة ﴾ [ سبأ : ٢١ ]، فلا بد من التأويل وهو من أوجه :
أحدها : لتمييز التابع من النَّاكص إطلاقاً للسبب، وإرادة للمسبّب.
وقيل : على حذف مضاف أي : لنعلم رسولنا فحذف، كما يقول الملك : فتحنا البَلْدة الفلانية بمعنى : فتحها أولياؤنا.
ومنه يقال : فتح عمر السّواد.
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام فيما يحكيه عن ربه :" اسْتَقْرَضْتُ عَبْدِي فَلَمْ يُقْرِضْنِي، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُمْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتُمَنِي يقول : وادهراه وأنا الدهر "
وفي الحديث :" مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيَّا فَقَدْ أَهَانَنِي "
وقيل : معناه : إلا لنرى.
قوله :﴿ مَنْ يَتَّبع ﴾ في " من " وجهان :
أحدهما : أنها موصولة، و" يتبع " صلتها، والموصول في محلّ المفعول لـ " نعلم " ؛ لأنه يتعدّى إلى واحد.
والثاني : أنها استفهامية في محلّ رفع بالابتداء، و" يتبع " خبره، والجملة في محلّ نصب ؛ لأنها معلقة للعلم، والعلم على بابه، وإليه نحا الزَّمخشري في أحد قوليه.


الصفحة التالية
Icon