ومعنى " كبيرة " ثقيلة شاقّة مُسْتنكرة.
وقوله تعالى :﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ [ الكهف : ٥ ] ].
قوله :" إلاَّ عَلَى الَّذِينَ " متعلق بـ " كبيرة "، وهو استثناء مفرغ.
فإن قيل : لم يتقدم هنا نفي ولا شبهة، وشرط الاستثناء المفرغ تقدم شيء من ذلك.
فالجواب : أن الكلام وإن كان موجباً لفظاً فغنه في معنى النفي ؛ إذ المعنى أنها لا تخف ولا تسهل إلا على الذين، وهذا التأويل بعينه قد ذكروه في قوله :
﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين ﴾ [ البقرة : ٤٥ ].
وقال أبو حيان :[ هو استثناء من مستثنى محذوف تقديره : وإن كانت لكبيرة على النّاس إلا على الذين ] وليس استثناء مفرغاً ؛ لأنه لم يتقدمه نفي ولا شبهة، وقد تقدم جواب ذلك [ واستدل الأصحاب رحمهم الله - تعالى - بهذه الآية على خلق العمال ].
قوله :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ ﴾ في هذا التركيب وما أشبهه [ مما ورد في القرآن وغيره ] نحو :﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب ﴾ [ آل عمران : ١٧٩ ]، ﴿ مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ ﴾ [ آل عمران : ١٧٩ ] قولان :
أحدهما : قول البصريين ؛ وهو أن خبر " كان " محذوف، وهذه اللام تسمى لام الجُحود ينتصب الفعل بعدها بإضمار " أن " وجوباً، فينسبك منها ومن الفعل مصدر منجرّ بهذه " اللام "، وتتعلق هذه اللام بذلك الخبر المحذوف.
والتقدير : وما كان الله مريداً لإضاعة أعمالكم، وشرط لام الجحود عندهم أن يتقدمها كون منفي.
[ واشترط بعضهم مع ذلك أن يكون كوناً ماضياً، ويفرق بينها وبين " لام " ما ذكرنا من اشتراط تقدم كون مَنْفي ]، ويدلّ على مذهب البصريين التصريح بالخبر المحذوف في قوله :[ الوافر ].
٨٢٦ - سَمَوْتَ وَلَمْ تَكْنْ أَهْلاً لِتَسْمُو...