ومن فوائد القاسمى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ﴾
أي : من اليهود والنصارى :﴿ بِكُلِّ آيَةٍ ﴾ أي : برهان قاطع أن التوجه إلى الكعبة هو الحق :﴿ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ ﴾ أي : هذه التي حوّلت إليها ؛ لأن تركهم اتباعك ليس عن شبهة تزيلها بإيراد الحجة، إنما هو عن مكابرة وعناد، مع علمهم بما في كتبهم من نعتك أنك على الحق، وقوله تعالى :﴿ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ﴾ هذا حسم لأطماعهم في العود إليها، أو للمقابلة ؛ يعني ما هم بتاركي باطلهم، وما أنت بتارك حقك ﴿ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ﴾ فلا أتفاق بين فريقيهم، مع كون الكل من بني إسرائيل.
قال الزمخشري : أخبر تعالى عن تصلب كل حزب فيما هو فيه وثباته عليه، فالمحق منهم لا يزلّ عن مذهبه لتمسكه بالبرهان، والمبطل لا يقلع عن باطله لشدة شكيمته في عناده، وفيه إراحة للنبي ﷺ من التطلع إلى هدى بعضهم.
فوائد :
الأولى : قال الراغب : إن قيل كيف أعلم بأنهم لا يتبعون قبلته وقد آمن منهم فريق ؟ قيل : قال بعضهم : إن هذا حكم على الكل دون الأبعاض، وهذا صحيح ؛ بدلالة أنك لو قلت : ما آمنوا ولكن آمن بعضهم، لم يكن منافياً. وقيل : عني به أقوام مخصوصون.
الثانية : قال الراغب : في قوله تعالى :﴿ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ﴾ إشارة على أن من عرف الله حق معرفته، فمن المحال أن يرتد، ولذا قيل : ما رجع من رجع إلا من الطريق : أي : ما أخل بالإيمان إلا من لم يصل إيه حق الوصول.