قال : لأني لست أشك في محمد أنه نبي وأما ولدي فلعل والدته خانت.
فقبل عمر رأسه، وجاز الإضمار وإن لم يسبق له ذكر لأن الكلام يدل عليه ولا يلتبس على السامع ومثل هذا الإضمار فيه تفخيم وإشعار بأنه لشهرته معلوم بغير إعلام وعلى هذا القول أسئلة.
السؤال الأول : أنه لا تعلق لهذا الكلام بما قبله من أمر القبلة.
الجواب : أنه تعالى في الآية المتقدمة لما حذر أمة محمد ـ ﷺ ـ عن اتباع اليهود والنصارى بقوله :﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العلم إِنَّكَ إِذَا لَّمِنَ الظالمين﴾ [البقرة : ١٤٥] أخبر المؤمنين بحاله عليه الصلاة والسلام في هذه الآية فقال : اعلموا يا معشر المؤمنين أن علماء أهل الكتاب يعرفون محمداً وما جاء به وصدقه ودعوته وقبلته لا يشكون فيه كما لا يشكون في أبنائهم.
السؤال الثاني : هذه الآية نظيرها قوله تعالى :﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التوراة والإنجيل﴾ [الأعراف : ١٥٧] وقال :﴿وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسمه أَحْمَدُ﴾ [الصف : ٦]
سؤال : لم خص الأبناء الذكور ؟
الجواب : لأن الذكور أعرف وأشهر وهم بصحبة الآباء ألزم وبقلوبهم ألصق.
القول الثاني : الضمير في قوله :﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ راجع إلى أمر القبلة : أي علماء أهل الكتاب يعرفون أمر القبلة التي نقلت إليها كما يعرفون أبناءهم وهو قول ابن عباس وقتادة والربيع وابن زيد.
واعلم أن القول الأول أولى من وجوه.
أحدها : أن الضمير إنما يرجع إلى مذكور سابق، وأقرب المذكورات العلم في قوله :﴿مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم﴾ [البقرة : ١٤٥] والمراد من ذلك العلم : النبوة، فكأنه تعالى قال : إنهم يعرفون ذلك العلم كما يعرفون أبناءهم، وأما أمر القبلة فما تقدم ذكره البتة.


الصفحة التالية
Icon