وثانيها : أن الله تعالى ما أخبر في القرآن أن أمر تحويل القبلة مذكور في التوراة والإنجيل، وأخبر فيه أن نبوة محمد ـ ﷺ ـ مذكورة في التوراة والإنجيل، فكان صرف هذه المعرفة إلى أمر النبوة أولى.
وثالثها : أن المعجزات لا تدل أول دلالتها إلا على صدق محمد ـ عليه السلام ـ، فأما أمر القبلة فذلك إنما يثبت لأنه أحد ما جاء به محمد ـ ﷺ ـ فكان صرف هذه المعرفة إلى أمر النبوة أولى. أ هـ. ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ١١٦ ـ ١١٧﴾
وعلق الآلوسى على قصة عمر وابن سلام ـ رضى الله عنهما ـ فقال :
وما حكي عن عبد الله بن سلام أنه قال في شأنه ـ ﷺ ـ : أنا أعلم به مني بابني، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه : لِمَ ؟ قال : لأني لست أشك بمحمد أنه نبي، فأما ولدي فلعل والدته خانت، فقبل عمر رضي الله تعالى عنه رأسه، فمعناه : أني لست أشك في نبوته عليه الصلاة والسلام بوجه، وأما ولدي فأشك في بنوته وإن لم أشك بشخصه، وهو المشبه به في الآية فلا يتوهم منه أن معرفة الأبناء لا تستحق أن يشبه بها لأنها دون المشبه للاحتمال، ولا يحتاج إلى القول بأنه يكفي في وجه الشبه كونه أشهر في المشبه به وإن لم يكن أقوى ومعرفة الأبناء أشهر من غيرها، ولا إلى تكلف أن المشبه به في الآية إضافة الأبناء إليهم مطلقاً سواء كانت حقة أو لا. وما ذكره ابن سلام كونه ابناً له في الواقع.
أهـ. ﴿روح المعانى حـ ٢ صـ ١٣﴾