ثم قال :﴿أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ يعني أن القول الباطل الذي حكاه الله تعالى عنهم عرفوا صحته بالعقل أو بالنقل، أما إثباته بالعقل فهو باطل لقوله ﴿مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ وأما إثباته بالنقل فهو أيضاً باطل لقوله ﴿أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ﴾ والضمير في قوله ﴿مِن قَبْلِهِ﴾ للقرآن أو للرسول، والمعنى أنهم ( هل ) وجدوا ذلك الباطل في كتاب منزّل قبل القرآن حتى جاز لهم أن يعولوا عليه، وأن يتمسكوا به، والمقصود منه ذكره في معرض الإنكار، ولما ثبت أنه لم يدل عليه لا دليل عقلي ولا دليل نقلي وجب أن يكون القول به باطلاً.
ثم قال تعالى :﴿بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على ءاثارهم مُّهْتَدُونَ﴾ والمقصود أنه تعالى لما بيّن أن تمسك الجهال بطريقة التقليد أمر كان حاصلاً من قديم الدهر فقال :﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثارهم مقتدون﴾ وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قال صاحب "الكشاف" : قرىء ﴿على إِمَّةٍ﴾ بالكسر وكلتاهما من الأم وهو القصد، فالأمة الطريقة التي تؤم أي تقصد كالرحلة للمرحول إليه، والإمة الحالة التي يكون عليها الآم وهو القاصد.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon