كلمة لعلّ للتمني والترجي وهو لا يليق بمن كان عالماً بعواقب الأمور، فكان المراد منها هاهنا : كي أي أنزلناه قرآناً عربياً لكي تعقلوا معناه، وتحيطوا بفحواه، قالت المعتزلة فصار حاصل الكلام إنا أنزلناه قرآناً عربياً لأجل أن تحيطوا بمعناه، وهذا يفيد أمرين أحدهما : أن أفعال الله تعالى معللة بالأغراض والدواعي والثاني : أنه تعالى إنما أنزل القرآن ليهتدي به الناس، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من الكل الهداية والمعرفة، خلاف قول من يقول إنه تعالى أراد من البعض الكفر والإعراض، واعلم أن هذا النوع من استدلالات المعتزلة مشهور، وأجوبتنا عنه مشهورة، فلا فائدة في الإعادة، والله أعلم.
المسألة الثالثة :
قوله ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ يدل على أن القرآن معلوم وليس فيه شيء مبهم مجهول خلافاً لمن يقول بعضه معلوم وبعضه مجهول.
ثم قال تعالى :﴿وَإِنَّهُ فِي أُمّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ حمزة والكسائي ﴿أُمِّ الكتاب﴾ بكسر الألف والباقون بالضم.
المسألة الثانية :
الضمير في قوله ﴿وَإِنَّهُ﴾ عائد إلى الكتاب الذي تقدم ذكره في ﴿أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا﴾ واختلفوا في المراد بأم الكتاب على قولين : فالقول الأول : إنه اللوح المحفوظ لقوله ﴿بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ [ البروج : ٢٢ ].
واعلم أن على هذا التقدير فالصفات المذكورة ههنا كلها صفات اللوح المحفوظ.