وقال ابن عطية :
﴿ حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) ﴾
تقدم القول في الحروف في أوائل السور.
وقوله :﴿ والكتاب ﴾ خفض بواو القسم. و: ﴿ المبين ﴾ يحتمل أن يكون من أبان الذي هو بمعنى بان، أي ظهر، فلا يحتاج إلى مفعول، ويحتمل أن يكون معدى من بان، فهذا لا بد من مفعول تقديره : المبين الهدى أو الشرع ونحوه.
وقوله تعالى :﴿ إنا جعلناه ﴾ معناه : سميناه وصيرناه، وهو إخبار عليه وقع القسم، والضمير في :﴿ جعلناه ﴾ عائد على :﴿ الكتاب ﴾، و: ﴿ عربياً ﴾ معناه : بلسانكم لئلا يبقى لكم عذر.
وقوله :﴿ لعلكم تعقلون ﴾ ترج بحسب معتقد البشر، أي إذا أبصر المبصر من البشر هذا الفعل منا ترجى منه أن يعقل الكلام ويفهم.
وقوله تعالى :﴿ وإنه ﴾ عطف على قوله :﴿ إنا جعلناه ﴾ وهذا الإخبار الثاني واقع أيضاً تحت القسم. و: ﴿ أم الكتاب ﴾ اللوح المحفوظ، وهذا فيه تشريف للقرآن وترفيع.
واختلف المتأولون كيف هو في ﴿ أم الكتاب ﴾، فقال عكرمة وقتادة والسدي وعطية بن سعيد : القرآن بأجمعه فيه منسوخ، ومنه كان جبريل عليه السلام ينزل، وهنالك هو علي حكيم. وقال جمهور الناس : إنما في اللوح المحفوظ ذكره ودرجته ومكانته من العلو والحكمة.
وقرأ جمهور الناس :" في أُم " بضم الهمزة، وقرأها بكسر الهمزة يوسف والي العراق وعيسى بن عمر.
وقوله :﴿ أفنضرب ﴾ بمعنى : أفنترك، تقول العرب أضربت عن كذا وضربت إذا أعرضت وتركته. و: ﴿ الذكر ﴾ هنا الدعاء إلى الله والتذكير بعذابه والتخويف من عقابه، وقال أبو صالح :﴿ الذكر ﴾ هنا هو العذاب نفسه، وقال الضحاك ومجاهد :﴿ الذكر ﴾ القرآن.