الصفة السابعة : قوله تعالى ﴿والذي خَلَقَ الأزواج كُلَّهَا﴾ قال ابن عباس الأزواج الضروب والأنواع كالحلو الحامض والأبيض والأسود والذكر والأنثى، وقال بعض المحققين كل ما سوى الله فهو زوج كالفوق والتحت واليمين واليسار والقدام والخلف والماضي والمستقبل والذوات والصفات والصيف والشتاء والربيع والخريف، وكونها أزواجاً يدل على كونها ممكنة الوجود في ذواتها محدثة مسبوقة بعدم، فأما الحق سبحانه فهو الفرد المنزّه عن الضد والند والمقابل والمعاضد فلهذا قال سبحانه :﴿والذى خَلَقَ الأزواج كُلَّهَا﴾ أي كل ما هو زوج فهو مخلوق، فدل هذا على أن خالقها فرد مطلق منزّه عن الزوجية، وأقول أيضاً العلماء بعلم الحساب بينوا أن الفرد أفضل من الزوج من وجوه الأول : أن أقل الأزواج هو الإثنان وهو لا يوجد إلا عند، حصول وحدتين فالزوج يحتاج إلى الفرد والفرد وهو الوحدة غنية عن الزوج والغني أفضل من المحتاج الثاني : أن الزوج يقبل القسمة بقسمين متساويين والفرد هو الذي لا يقل القسمة وقبول القسمة انفعال وتأثر وعدم قبولها قوة وشدة ومقاومة فكان الفرد أفضل من الزوج الثالث : أن العدد الفرد لا بد وأن يكون أحد قسميه زوجاً والثاني فرداً فالعدد الفرد حصل فيه الزوج والفرد معاً، وأما العدد الزوج فلا بد وأن يكون كل واحد من قسميه وزوجاً والمشتمل على القسمين أفضل من الذي لا يكون كذلك الرابع : أن الزوجية عبارة عن كون كل واحد من قسميه معادلاً للقسم الآخر في الذات والصفات والمقدار، وإذا كان كل ما حصل له من الكمال فمثله حاصل لغيره لم يكن هو كاملاً على الإطلاق، أما الفرد فالفردية كائنة له خاصة لا لغيره ولا لمثله فكماله حاصلاً له لا لغيره فكان أفضل الخامس : أن الزوج لا بد وأن يكون كل واحد من قسميه مشاركاً للقسم الآخر في بعض الأمور ومغايراً له في أمور أخرى وما به المشاركة غير ما به المخالفة فكل زوجين فهما ممكنا الوجود لذاتيهما وكل


الصفحة التالية
Icon