فعل العبد فعلاً لله تعالى، لكان معنى الآية إني خلقت هذه الحيوانات لأجل أن أخلق سبحان الله في لسان العبد : وهذا باطل، لأنه تعالى قادر على أن يخلق هذا اللفظ في لسانه بدون هذه الوسايط.
واعلم أن الكلام على هذه الوجوه معلوم، فلا فائدة في الإعادة.
ثم قال تعالى :﴿وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ واعلم أن وجه اتصال هذا الكلام بما قبله أن ركوب الفلك في خطر الهلاك، فإنه كثيراً ما تنكسر السفينة ويهلك الإنسان وراكب الدابة أيضاً كذلك لأن الدابة قد يتفق لها اتفاقات توجب هلاك الراكب، وإذا كان كذلك فركوب الفلك والدابة يوجب تعريض النفس للهلاك، فوجب على الراكب أن يتذكر أمر الموت، وأن يقطع أنه هالك لا محالة، وأنه منقلب إلى الله تعالى وغير منقلب من قضائه وقدره، حتى لو اتفق له ذلك المحذور كان قد وطن نفسه على الموت. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ١٦٨ ـ ١٧٢﴾