﴿ وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ أي مطيقين ؛ في قول ابن عباس والكلبي.
وقال الأخفش وأبو عبيدة :"مُقْرِنِينَ" ضابطين.
وقيل : مماثلين في الأيد والقوّة ؛ من قولهم : هو قِرن فلان إذا كان مثله في القوّة.
ويقال : فلان مُقْرِن لفلان أي ضابط له.
وأقرنت كذا أي أطقته.
وأقرن له أي أطاقه وقوِي عليه ؛ كأنه صار له قِرْناً.
قال الله تعالى :﴿ وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ أي مطيقين.
وأنشد قُطْرُب قول عمرو بن مَعْدِيَكرِب :
لقد علم القبائل ما عُقيلٌ...
لنا في النائبات بمقرنينا
وقال آخر :
ركبتم صَعْبَتي أشَراً وَحَيْفاً...
ولستم للصّعاب بمقرنينا
والمُقْرِن أيضاً : الذي غلبته ضَيعته ؛ يكون له إبل أو غنم ولا معين له عليها، أو يكون يسقِي إبله ولا ذائد له يذودها.
قال ابن السِّكّيت : وفي أصله قولان : أحدهما أنه مأخوذ من الإقران ؛ يقال : أقرن يقرن إقراناً إذا أطاق.
وأقرنت كذا إذا أطقته وحكمته ؛ كأنه جعله في قرن وهو الحبل فأوثقه به وشدّه.
والثاني أنه مأخوذ من المقارنة وهو أن يقرن بعضها ببعض في السير ؛ يقال : قرنت كذا بكذا إذا ربطته به وجعلته قرينه.
الخامسة علمنا الله سبحانه ما نقول إذا ركبنا الدواب، وعرّفنا في آية أخرى على لسان نوح عليه السلام ما نقول إذا ركبنا السفن ؛ وهي قوله تعالى :﴿ وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ هود : ٤١ ] فكم من راكب دابة عثرت به أو شَمَسَت أو تَقَحّمت أو طاح من ظهرها فهلك.
وكم من راكبين في سفينة انكسرت بهم فغرِقوا.
فلما كان الركوب مباشرةَ أمرٍ محظور واتصالا بأسباب من أسباب التلف أمر ألاّ ينسى عند اتصاله به يومه، وأنه هالك لا محالة فمنقلب إلى الله عز وجل غير منفلت من قضائه.
ولا يدع ذكر ذلك بقلبه ولسانه حتى يكون مستعداً للقاء الله بإصلاحه من نفسه.