واختلف المفسرون في المراد بالسؤال في قوله :﴿ وسئل من أرسلنا ﴾ فقالت فرقة، أراد : أن اسأل جبريل، ذكر ذلك النقاش، وفيه بعد. وقال ابن زيد وابن جبير والزهري، أراد : واسأل الرسل إذا لقيتهم ليلة الإسراء، أما أن النبي عليه السلام لم يسأل الرسل ليلة الإسراء عن هذا، لأنه كان أثبت يقيناً من ذلك ولم يكن في شك. وقالت فرقة، أراد : واسألني، أو واسألنا عمن أرسلنا، والأولى على هذا التأويل أن يكون :﴿ من أرسلنا ﴾ استفهاماً أمره أن يسأل له، كأن سؤاله : يا رب من أرسلت قبلي من رسلك؟ أجعلت في رسالته الأمر بآلهة يعبدون؟ ثم ساق السؤال محكي المعنى، فرد المخاطبة إلى محمد عليه السلام في قوله :﴿ من قبلك ﴾. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وعطاء، أراد : وسل تباع من أرسلنا وحملة شرائعهم، لأن المفهوم أنه لا سبيل إلى سؤاله الرسل إلا بالنظر في آثارهم وكتبهم وسؤال من حفظها.
وفي قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب :" وسئل الذين أرسلنا إليهم رسلنا "، فهذه القراءة تؤيد هذا المعنى، وكذلك قوله :﴿ وسئل القرية ﴾ [ يوسف : ٨٢ ] مفهوم إنه لا يسأل إلا أهلها، ومما ينظر إلى هذا المعنى قوله تعالى :﴿ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ﴾ [ النساء : ٥٩ ] فمفهوم أن الرد إنما هو إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن المحاور في ذلك إنما هم تباعهم وحفظة الشرع.
وقوله :﴿ يعبدون ﴾ أخرج ضميرهم على حد من يعقل مراعاة للفظ الآلهة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾