أي : تَنْظُرُ نَظَرَ العشِي لضَعْفِ بصرِه مِنْ كثرةِ الوَقودِ. وفَرَّق بعضُهم : بأنَّ عَشَوْتُ إلى النارِ إذا اسْتَدْلَلْتَ عليها بنظرٍ ضعيفٍ وقيل : وقال الفراء :" عَشا يَعْشى يُعْرِض، وعَشِي يَعْشَى عَمِيَ ". إلاَّ أنَّ ابن قتيبة قال :" لم نَرَ أحداً حكى عَشَوْتُ عن الشيء : أَعْرَضْتُ عنه، وإنما يقال : تعاشَيْتُ عن كذا إذا تغافَلْتَ عنه وتعامَيْتَ ".
وقرأ العامَّةُ " نُقَيِّضْ " بنونِ العظمةِ. وعلي بن أبي طالب والأعمش ويعقوبُ والسلميُّ وأبو عمروٍ وعاصمٌ في روايةٍ عنهما " يُقَيِّضْ " بالياء من تحت أي : يُقَيِّض الرحمنُ. و " شيطاناً " نصبٌ في القراءتين. وابن عباس " يُقَيَّضْ " مبنياً للمفعول، " شيطانٌ " بالرفع، قائمٌ مقامَ الفاعلِ.
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)
قوله :﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ ﴾ : الظاهرُ أنَّ ضميرَيْ النصبِ عائدان على " مَنْ " مِنْ حيث معناها، راعى لفظَها أولاً فأفردَ في " له " و " له "، ثم راعى معناها، فجَمع في قولِه :" وإنَّهم ليَصُدُّوْنَهم ". والضميرُ المرفوعُ على الشيطان ؛ لأنَّ المرادَ به الجنسُ، ولأنَّ كلَّ كافرٍ معه قَرِيْنٌ. وقال ابن عطية :" إنَّ الضميرَ الأولَ للشياطين، والثاني للكفار. التقدير : وإنَّ الشياطين ليَصُدُّوْنَ الكفارَ العابثين ".
حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)