الثالث : أنها للتعليلِ. وحينئذٍ تكونُ حرفاً للتعليلِ كاللام. الرابعُ : أنَّ العاملَ في " إذ " هو ذلك الفاعلُ المقدَّرُ لا ضميرُه. والتقدير : ولن ينفعَكم ظلمُكم أو جَحْدُكم إذ ظَلَمْتم. الخامس : أنَّ العاملَ في " إذ " ما دَلَّ عليه المعنى. كأنه قال : ولكن لن ينفعَكم اجتماعُكم إذ ظَلَمْتُمْ. قاله الحوفي، ثم قال :" وفاعلُ " يَنْفَعَكم " الاشتراكُ " انتهى. فظاهرُ هذا متناقضٌ ؛ لأنَّه جَعَلَ الفاعلَ أولاً اجتماعَكم، ثم جعلَه آخِراً الاشتراكَ. ومنع أَنْ تكونَ " إذ " بدلاً مِن اليوم لتغايُرِهما في الدلالة. وفي كتاب أبي البقاء " وقيل : إذْ بمعنى " أَنْ " أي : أَنْ ظَلَمْتُم ". ولم يُقَيِّدْها بكونِها أن بالفتح أو الكسر، ولكن قال الشيخ :" وقيل : إذ للتعليلِ حرفاً بمعنى " أَنْ " يعني بالفتح ؛ وكأنَّه أراد ما ذكره أبو البقاءِ، إلاَّ أنَّ تَسْمِيَتَه " أنْ " للتعليل مجازٌ، فإنها على حَذْفِ حرفِ العلةِ أي : لأَنْ، فلمصاحبتِها لها، والاستغناءِ بها عنها سَمَّاها باسمِها. ولا ينبغي أَنْ يُعْتَقَدَ أنَّها في كتابِ أبي البقاء بالكسرِ على الشرطية ؛ لأنَّ معناه بعيدٌ.
وقُرِئ " إنكم " بالكسرِ على الاستئناف المفيدِ للعلةِ. وحينئذٍ يكونُ الفاعلُ مضمراً على أحدِ التقادير المذكورة.
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١)
قوله :﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ ﴾ : قد تقدَّم الكلامُ عليه قريباً.
أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢)
وقُرئ " نُرِيَنْكَ " : بالنونِ الخفيفة. والعامَّةُ على ﴿ أُوحِيَ ﴾ [ الزخرف : ٤٣ ] مبنيًّا للمفعولِ مفتوحَ الياء، وبعضُ قرَّاء الشام سَكَّنها تخفيفاً. والضحاك " أَوْحَى " مبنياً للفاعل وهو اللَّهُ تعالى.