وإِنما عَنَوْا بهذا أنه لو لم يَرْضَ عبادتَنا لها لعجَّل عقوبتنا، فردَّ عليهم قولهم بقوله :﴿ ما لهم بذلك مِنْ عِلْمٍ ﴾ وبعض المفسرين يقول : إِنما أشار بقوله :﴿ مالهم بذلك مِنْ عِلْمٍ ﴾ إلى ادِّعائهم أنَّ الملائكة إِناث ؛ قال : ولم يتعرَّض لقولهم ﴿ لو شاء الرحمن ما عَبَدْناهم ﴾ لأنه قول صحيح ؛ والذي اعتمدنا عليه أصح، لأن هذه الآية كقوله :﴿ لو شاء اللهُ ما أَشْرَكْنا ﴾ [ الانعام : ١٤٨ ] وقوله :﴿ أنُطْعِمُ مَنْ لو يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ ﴾ [ يس : ٤٧ ] وقد كشفنا عن هذا المعنى هنالك و ﴿ يَخْرُصُونَ ﴾ بمعنى : يكذبون.
وإنما كذَّبهم لأنهم اعتقدوا أنه رضي منهم الكفر ديناً.
﴿ أَمْ آتيناهم كتاباً مِنْ قَبْلِهِ ﴾ أي : مِنْ قَبْلِ هذا القرآن، أي بأن يعبدوا غير الله ﴿ فهُم به مستمسِكون ﴾ يأخذون بما فيه.
﴿ بل قالوا إِنّا وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّة ﴾ أي : على سُنَّة ومِلَّة ودِين ﴿ وإِنّا على آثارهم مُهْتَدون ﴾ فجعلوا أنفُسهم مهتدين بمجرد تقليد الآباء من غير حُجَّة ؛ ثم أخبر أن غيرهم قد قال هذا القول، فقال :﴿ وكذلك ﴾ أي : وكما قالوا قال مُتْرَفو القُرى مِنْ قَبْلهم، ﴿ وإِنّا على آثارهم مقتدون ﴾ بهم.
﴿ قُلْ أَوَلَوْ جِئتُكم ﴾ وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم :﴿ قال أَوَلَوْ جِئتُكم ﴾ [ بألف ].
قال أبو علي : فاعل :" قال " النذير، المعنى : فقال لهم النذير.
وقرأ أبو جعفر :﴿ أَوَلَوْ جئناكم ﴾ بألف ونون ( بأهدى ) أي : بأصوب وأرشد.
قال الزجاج : ومعنى الكلام : قُلْ : أتَّتبعونَ ما وجدتم عليه آباءكم وإِن جئتكم بأهدى منه؟! وفي هذه الآية إِبطال القول بالتقليد.
قال مقاتل : فرَدُّوا على النبيّ ﷺ، فقالوا :﴿ إِنا بما أُرسِلتم به كافرون ﴾ ؛ ثم رجع إِلى الأُمم الخالية، فقال ﴿ فانتَقَمْنا منهم...
﴾ الآية.