وقد روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي ﷺ كان إِذا سئل : لِمَنْ هذا الأمرُ من بعدك؟ لم يُخْبِر بشيء، حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل قال :" لقريش " وهذا يَدُلُّ على أن النبي ﷺ فَهِم من هذا أنه يَلِي على المسلمين بحُكْم النًّبوَّة وشَرَفِ القرآن، وأن قومه يَخْلُفونه من بعده في الوِلاية لشرف القرآن الذي أُنزلَ على رجُلٍ منهم.
ومذهب مجاهد أن القوم هاهنا : العرب، والقرآن شَرَفٌ لهم إِذْ أُنزلَ بلُغتهم.
قال ابن قتيبة : إنما وُضع الذِّكر موضعَ الشَّرَف، لأن الشَّريف يُذْكَر وفي قوله :﴿ وسوف تُسألونَ ﴾ قولان.
أحدهما : عن شُكر ما أُعطيتم من ذلك.
والثاني : عمّا لزمكم فيه من الحقوق.
قوله تعالى :﴿ واسألْ مَنْ أرسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ﴾ إن قيل : كيف يسأل الرُّسل وقد ماتوا قبله؟ فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه لمّا أُسري به جُمع له الأنبياءُ فصلَّى بهم، ثم قال [ له ] جبريل : سَلْ من أرسَلْنا قَبْلَك...
الآية.
فقال : لا أَسألُ، قد اكتَفَيْتُ.
رواه عطاء عن ابن عباس.
وهذا قول سعيد بن جبير، والزهري، وابن زيد ؛ قالوا : جُمع له الرُّسل ليلةَ أُسري به، فلقَيهم، وأُمر أن يسألَهم، فما شَكّ ولا سأل.
والثاني : أن المراد :[ اسأل ] مؤمني أهل الكتاب [ من ] الذين أرسلت إِليهم الأنبياء، روي عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والسدي في آخرين.
قال ابن الأنباري : والمعنى سَلْ أتباع مَنْ أرسَلْنا قَبْلَكَ، كما تقول : السخاء حاِتم، أي : سخاء حاتِم، والشِّعر زهير، أي : شِعر زهير.
وعند المفسرين أنه لم يسأل على القولين.
وقال الزجاج : هذا سؤال تقرير، فإذا سأل جميع الأمم، لم يأتوا بأن في كتبهم : أن اعبدوا غيري.
والثالث :[ أن ] المُراد بخطاب النبي ﷺ : خطابُ أُمَّته، فيكون المعنى : سَلُوا، قاله الزجاج.