اليأس لا على رجاء الفرج باللحاق برتبة المتقين.
ولما ذكر نداءهم، استأنف ذكر جوابهم بقوله :﴿قال﴾ أي مالك عليه الصلاة والسلام مؤكداً لأطماعهم لأن كلامهم هذا بحيث يفهم الرجاء ويفهم بأن رحمة الله تعالى التي هي موضع الرجاء خاصة بغيرهم ﴿إنكم ماكثون ﴾.
ولما ذكر سبحانه الساعة عند عيسى عليه الصلاة والسلام فقال ﴿وإنه لعلم للساعة﴾ وأكد أمرها وشرح بعض أحوالها إلى أن ختم بما دل على انحلال عزائمهم ولين شكائمهم، وكانوا غير مقرين بذلك، قال مؤكداً جواباً لمن يبصر بعض البصر فيقول : أحق هذا؟ ويتوقع الجواب :﴿لقد جئناكم﴾ أي في هذه السورة خصوصاً وجميع القرآن عموماً، سمى مجيء الرسل مجيئاً لهم لما لمجيئهم من العظمة التي أشارت إليها النون ﴿بالحق﴾ الكامل في الحقية، ولما كان ظهور حقيته بحيث لا يخفى على أحد ولكن شدة البغض وشدة الحب تريان الأشياء على غير ما هي عليه، قال إشارة إلى ذلك :﴿ولكن أكثركم﴾ أي أيها المخاطبون ﴿للحق كارهون﴾ لما فيه من المنع عن الشهوات فلذلك أنتم تقولون : إنه ليس بحق لأجل كراهتكم فقط، لا لأجل أن في حقيته نوعاً من الخفاء.
ولما كان هذا خبراً لا جواب فيه لظهور الدلائل وتعالي العظمة إلا الرجوع، وكان من لا يرجع إنما يريد بمحاربة الإله الأعظم، قال عادلاً عن الخطاب إنزالاً لهم بالغيبة منزلة البعيد الذي لا يلتفت إليه معادلاً لما تقديره : أرجعوا لما ظهر لهم من الحق الظاهر ﴿أم أبرموا﴾ أي أحكموا ﴿أمراً﴾ في رد أمرنا ومعاداة أوليائنا مع علمهم بأنا مطلعون عليهم.


الصفحة التالية
Icon