فصل


قال الفخر :
﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعد، أردفه بالوعيد على الترتيب المستمر في القرآن، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
احتج القاضي على القطع بوعيد الفسق بقوله ﴿إِنَّ المجرمين فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خالدون * لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ ولفظ المجرم يتناول الكافر والفاسق، فوجب كون الكل في عذاب جهنم، وقوله ﴿خالدون﴾ يدل على الخلود، وقوله أيضاً ﴿لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ﴾ يدل على الخلود والدوام أيضاً والجواب : أن ما قبل هذه الآية وما بعدها، يدل على أن المراد من لفظ المجرمين ههنا الكفار، أما ما قبل هذه الآية فلأنه قال :﴿ياعباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ، الذين ءامَنُواْ بآياتنا وَكَانوا مُسْلِمِينَ﴾ [ الزخرف : ٦٨، ٦٩ ] فهذا يدل على أن كل من آمن بآيات الله وكانوا مسلمين، فإنهم يدخلون تحت قوله ﴿ياعباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الذين ءامَنُواْ بآياتنا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ والفاسق من أهل الصلاة آمن بالله تعالى وبآياته وأسلم، فوجب أن يكون داخلاً تحت ذلك الوعد، ووجب أن يكون خارجاً عن هذا الوعيد، وأما ما بعد هذه الآية فهو قوله ﴿جئناكم بالحق ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كارهون﴾ والمراد بالحق ههنا إما الإسلام وإما القرآن، والرجل المسلم لا يكره الإسلام ولا القرآن، فثبت أن ما قبل هذه الآية وما بعدها، يدل على أن المراد من المجرمين الكفار، والله أعلم.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon