قرأ ابن مسعود ﴿يا مال﴾ بحذف الكاف للترخيم فقيل لابن عباس إن ابن مسعود قرأ ( ونادوا يا مال ) فقال : ما أشغل أهل النار عن هذا الترخيم! واجيب عنه بأنه إنما حسن هذا الترخيم لأنه يدل على أنهم بلغوا في الضعف والنحافة إلى حيث لا يمكنهم أن يذكروا من الكلمة إلا بعضها.
المسألة الخامسة :
اختلفوا في أن قولهم ﴿يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ على أي وجه طلبوا فقال بعضهم على التمني، وقال آخرون على وجه الاستغاثة، وإلا فهم عالمون بأنه لا خلاص لهم عن ذلك العقاب، وقيل لا يبعد أن يقال إنهم لشدة ما هم فيه من العذاب نسوا تلك المسألة فذكروه على وجه الطلب.
ثم إنه تعالى بيّن أن مالكاً يقول لهم ﴿إِنَّكُمْ ماكثون﴾ وليس في القرآن متى أجابهم، هل أجابهم في الحال أو بمدة طويلة، وإن كان بعد ذلك فهل حصل ذلك الجواب بعد ذلك السؤال بمدة قليلة أو بمدة طويلة، فلا يمتنع أن تؤخر الإجابة استخفافاً بهم وزيادة في غمهم، فعن عبد الله بن عمر بعد أربعين سنة، وعن غيره بعد مائة سنة، وعن ابن عباس بعد ألف سنة، والله أعلم بذلك المقدار.