وفي حديث أبي الدرداء عن النبيّ ﷺ قال :" فيقولون ادعوا مالكاً فيقولون يا مالك لِيقضِ علينا ربك قال إنكم ماكثون " قال الأعمش : نُبِّئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام ؛ خرَّجه الترمذي.
وقال ابن عباس : يقولون ذلك فلا يجيبهم ألف سنة، ثم يقول إنكم ماكثون.
وقال مجاهد ونَوْف البِكَالِيّ : بين ندائهم وإجابته إياهم مائة سنة.
وقال عبد الله بن عمرو : أربعون سنة ؛ ذكره ابن المبارك.
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨)
يحتمل أن يكون هذا من قول مالك لهم ؛ أي إنكم ماكثون في النار لأنا جئناكم في الدنيا بالحق فلم تقبلوا.
ويحتمل أن يكون من كلام الله لهم اليوم ؛ أي بيَّنا لكم الأدلة وأرسلنا إليكم الرسل.
﴿ ولكن أَكْثَرَكُمْ ﴾ قال ابن عباس :"وَلَكِنّ أَكْثَرَكُمْ" أي ولكن كلكم.
وقيل : أراد بالكثرة الرؤساء والقادة منهم، وأما الأتباع فما كان لهم أثر ﴿ لِلْحَقِّ ﴾ أي للإسلام ودين الله ﴿ كَارِهُونَ ﴾.
أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩)
قال مقاتل : نزلت في تدبيرهم المكر بالنبيّ ﷺ في دار الندوة، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه ؛ فنزلت هذه الآية، وقتل الله جميعهم ببدر.
"أَبْرَمُوا" أحكموا.
والإبرام الإحكام.
أبرمت الشيء أحكمته.
وأبرم الفتال إذا أحكم الفتل، وهو الفتل الثاني، والأول سَحِيل ؛ كما قال :
...
...
مِن سَحِيلٍ ومُبْرَمِ...
فالمعنى : أم أحكموا كيداً فإنا محكمون لهم كَيْداً ؛ قاله ابن زيد ومجاهد.
قتادة : أم أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على الجزاء بالبعث.
الكلبي : أم قضَوْا أمراً فإنا قاضون عليهم بالعذاب.
وأم بمعنى بل.