قلت : ثبت في صحيح مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" لَيَنْزِلَنّ عيسى ابن مريم حَكَماً عادلاً فَلَيَكْسِرَنّ الصليبَ وَلَيَقْتُلَنّ الخنزير وَلَيَضَعَنّ الْجِزْيَة ولَتُتْرَكَنّ القِلاص فلا يُسْعَى عليها وَلَتَذْهَبَنَّ الشحناء والتَّبَاغُضُ والتحاسد وَلَيَدْعُوَنّ إلى المال فلا يقبله أحد " وعنه قال : قال رسول الله ﷺ :" كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامُكم منكم " وفي رواية "فأمّكم منكم" قال ابن أبي ذئب : تدري "ما أمّكم منكم"؟ قلت : تخبرني، قال : فأمَّكم بكتاب ربِّكم وسُنّةِ نبيّكم ﷺ ".
قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فهذا نصّ على أنه ينزل مجدّداً لدين النبيّ ﷺ للذي دَرَس منه، لا بشرع مبتدأ والتكليف باقٍ ؛ على ما بيناه هنا وفي كتاب التذكرة.
وقيل :"وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ" أي وإن إحياء عيسى الموتى دليل على الساعة وبعث الموتى ؛ قاله ابن إسحاق.
قلت : ويحتمل أن يكون المعنى "وَإِنَّهُ" وإن محمداً ﷺ لعلم للساعة ؛ بدليل قوله عليه السلام :" بعثت أنا والساعةُ كهاتين " وضم السبابة والوسطى ؛ خرّجه البخاري ومسلم.
وقال الحسن : أوّل أشراطها محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا ﴾ فلا تشكُّون فيها ؛ يعني في الساعة ؛ قاله يحيى بن سلام.
وقال السّدّي : فلا تكذبون بها، ولا تجادلون فيها فإنها كائنة لا محالة.
﴿ واتبعون ﴾ أي في التوحيد وفيما أبلغكم عن الله.
﴿ هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ أي طريق قويم إلى الله، أي إلى جنته.
وأثبت الياء يعقوب في قوله :"وَاتَّبِعُونِ" في الحالين، وكذلك "وَأَطِيعُونِ".
وأبو عمرو وإسماعيل عن نافع في الوصل دون الوقف، وحذف الباقون في الحالين.