وذكر من أثبته أنه ﷺ إنما لم يجب حين سئل عن الخصوص والعموم بالخصوص عملاً بما تقتضيه كلمة ﴿ مَا ﴾ لأن إخراج المعهودين عن الحكم عند المحاجة موهم للرخصة في عبادتهم في الجملة فعممه عليه الصلاة والسلام للكل لكن لا بطريق عبارة النص بل بطريق الدلالة بجامع الاشتراك في المعبودية من دون الله تعالى ثم بين أنهم بمعزل من أن يكونوا معبوديهم بما جاء في خبر محي السنة من قوله عليه الصلاة والسلام : بل هم يعبدون الشيطان كما نطق به قوله تعالى :﴿ سبحانك أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن ﴾ [ سبأ : ٤١ ] الآية، وقد تقدم ما ينفعك تذكره فتذكر.
وفي "الدر المنثور" أخرج الإمام أحمد.
وابن أبي حاتم.
والطبراني.
وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال لقريش : إنه ليس أحد يعبد من دون الله تعالى فيه خير فقالوا : ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً من عباد الله تعالى صالحاً فإن كنت صادقاً فإنه كآلهتنا فأنزل الله سبحانه :﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً ﴾ [ الزخرف : ٥٧ ] الخ، والكلام في الآيات على هذه الرواية يعلم مما تقدم بأدنى التفات، وقيل : إن المشركين لما سمعوا قوله تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ﴾ [ آل عمران : ٥٩ ] قالوا : نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدمياً ونحن نعبد الملائكة فنزلت، فالمثل ما في قوله تعالى :﴿ إِنَّ مَثَلَ عيسى ﴾ الآية والضارب هو تعالى شأنه أي ولما بين الله سبحانه حاله العجيبة اتخذه قومك ذريعة إلى ترويج ما هم فيه من الباطل بأنه مع كونه مخلوقاً بشراً قد عبد فنحن أهدى حيث عبدنا ملائكة مطهرين مكرمين عليه وهو الذي عنوه بقولهم :