ومعنى ﴿ يصدون ﴾ [ الزخرف : ٥٧ ] يضجون ويضجرون، والضمير في ﴿ أَمْ ﴾ [ الزخرف : ٥٨ ] هو لنبينا عليه الصلاة والسلام، وغرضهم بالموازنة بينه ﷺ وبين آلهتهم الاستهزاء به عليه الصلاة والسلام، وقوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَشَاء ﴾ الخ رد وتكذيب لهم في افترائهم عليه ﷺ ببيان أن عيسى عليه السلام في الحقيقة وفيما أوحى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليس إلا أنه عبد منعم عليه كما ذكر فكيف يرضى ﷺ بمعبوديته أو كيف يتوهم الرضا بمعبودية نفسه ثم بين جل شأنه أن مثل عيسى ليس ببدع من قدرة الله تعالى وأنه قادر على أبدع منه وأبدع مع التنبيه على سقوط الملائكة عليهم السلام أيضاً عن درجة المعبودية بقوله سبحانه :﴿ وَلَوْ نَشَاء ﴾ الخ وفيه أن الدلالة على ذلك المعنى غير واضحة، وكذلك رجوع الضمير إلى نبينا عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :﴿ أَمْ هُوَ ﴾ مع رجوعه إلى عيسى في قوله سبحانه :﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ ﴾ [ الزخرف : ٥٩ ] وفيه من فك النظم ما يجب أن يصان الكتاب المعجز عنه، ولا يكاد يقبل القول برجوع الضمير الثاني إليه ﷺ، ولعل الرواية عن الحبر غير ثابتة، وجوز أن يكون مرادهم التنصل عما أنكر عليهم من قولهم : الملائكة عليهم السلام بنات الله سبحانه ومن عبادتهم إياهم كأنهم قالوا : ما قلنا بدعاً من القول ولا فعلنا منكراً من الفعل فإن النصارى جعلوا المسيح ابن الله عز وجل فنحن أشف منهم قولاً وفعلاً حيث نسبنا إليه تعالى الملائكة عليهم السلام وهم نسبوا إليه الأناسي، وقوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَشَاء ﴾ الخ عليه كما في الوجه الثاني.
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)


الصفحة التالية
Icon