وقال ابن عاشور :
﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) ﴾
عطف قصة من أقاصيص كفرهم وعنادهم على ما مضى من حكاية أقاويلهم، جرت في مجادلة منهم مع النبي ﷺ وهذا تصدير وتمهيد بين يدي قوله :﴿ ولما جاء عيسى بالبينات ﴾ [ الزخرف : ٦٣ ] الآيات الذي هو المقصود من عطف هذا الكلام على ذكر رسالة موسى عليه السلام.
واقتران الكلام بـ ﴿ لما ﴾ المفيدةِ وجودَ جوابها عند وجودِ شرطها، أو توقيتَه، يَقْتَضِي أن مضمون شرط ﴿ لمّا ﴾ معلوم الحصول ومعلوم الزمان فهو إشارة إلى حديث جرى بسبب مثَل ضربه ضارب لحال من أحوال عيسى، على أن قولهم ﴿ أألهتنا خير أم هو ﴾ يحتمل أن يكون جرى في أثناء المجادلة في شأن عيسى، ويحتمل أن يكون مجردَ حكاية شبهة أخرى من شُبه عقائدهم، ففي هذه الآية إجمال يبينه ما يعرفه النبي ﷺ والمؤمنون من جدَل جرى مع المشركين، ويزيده بياناً قوله :﴿ إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل ﴾ [ الزخرف : ٥٩ ] وهذه الآية من أخفى آي القرآن معنى مراداً.
وقد اختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية وما يبين إجمالها على ثلاثة أقوال ذكرها في "الكشاف" وزاد من عنده احتمالاً رابعاً.
وأظهر الأقوال ما ذكره ابن عطية عن ابن عباس وما ذكره في "الكشاف" وجهاً ثانياً ووجهاً ثالثاً أن المشركين لما سمعوا من النبي ﷺ بيان { إنَّ مثل عيسى.