وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)
الأظهر أن هذا عطف على جملة ﴿ وإنه لذكرٌ لك ولقومك ﴾ [ الزخرف : ٤٤ ] ويكون ما بينهما مستطردات واعتراضاً اقتضته المناسبة.
لمّا أشبع مقام إبطال إلهية غير الله بدلائل الوحدانية ثُني العِنان إلى إثبات أن القرآن حق، عوداً على بدْءٍ.
وهذا كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المنكرين يوم البعث، ويجوز أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
وضمير المذكر الغائب في قوله :﴿ وإنه لعلم للساعة ﴾ مراد به القرآن وبذلك فسَّرَهُ الحسن وقتادة وسعيد بن جبير فيكون هذا ثناء ثامناً على القرآن، فالثناء على القرآن استمرّ متصلاً من أول السورة آخذاً بعضه بحُجز بعض متخلَّلاً بالمعترضات والمستطردات ومتخلصاً إلى هذا الثناء الأخير بأن القرآن أعلم الناس بوقوع الساعة.
ويفسره ما تقدم من قوله :﴿ بالذي أُوحي إليك ﴾ [ الزخرف : ٤٣ ] ويبينه قوله بعده ﴿ هذا صراط مستقيم ﴾، على أن ورود مثل هذا الضمير في القرآن مراداً به القرآن كثير معلوم من غير معاد فضلاً على وجود معاده.
ومعنى تحقيق أن القرآن عِلْم للساعة أنه جاء بالدين الخاتم للشرائع فلم يبق بعد مجيء القرآن إلا انتظار انتهاء العالم.
وهذا معنَى ما روي من قول الرسول ﷺ " بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين، وقرن بين السبابة والوسطى مشيراً إليهما " والمشابهة في عدم الفصل بينهما.
وإسناد ﴿ عِلمٌ للساعة ﴾ إلى ضمير القرآن إسناد مجازيّ لأن القرآن سبب العلم بوقوع الساعة إذ فيه الدلائل المتنوعة على إمكان البعث ووقوعه.
ويجوز أن يكون إطلاق العلم بمعنى المُعْلِم، من استعمال المصدر بمعنى اسم الفاعل مبالغة في كونه محصلاً للعلم بالساعة إذ لم يقاربه في ذلك كتاب من كتب الأنبياء.