قال القاضي أبو محمد : وقوله تعالى : في مخاطبة الكفار :﴿ أين شركائي ﴾ [ النحل : ٢٧، القصص : ٦٢-٧٢، فصلت : ٤٧ ].
وقال مجاهد المعنى : إن كان لله ولد في قولكم فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم. وقال قتادة أيضاً وزهير بن محمد وابن زيد :﴿ إن ﴾ نافية بمعنى : ما، فكأنه قال : ما كان للرحمن ولد. وهنا هو الوقف على هذا التأويل، ثم يبتدئ قوله :﴿ فأنا أول العابدين ﴾ قاله أبو حاتم. وقالت فرقة : العابدون في الآية : من عبد الرجل إذا أنف وأنكر الشيء، ومنه قول الشاعر :
متى يشأ ذو الود يصرم خليله... ويعبد عليه لا محالة ظالما
ومنه حديث عثمان وعلي في المرجومة حين قال علي :﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ﴾ [ الأحقاف : ١٥ ] قال : فما عبد عثمان أن بعث إليها لترد. والمعنى : إن جعلتم للرحمن ولداً وكان ذلك في قولكم فأنا أول الآنفين المنكرين لذلك.
وقرأ الجمهور :" وَلَد " بفتح الواو واللام. وقرأ ابن مسعود وابن وثاب وطلحة والأعمش :" وُلْد " بضم الواو وسكون اللام.
وقرأ أبو عبد الرحمن :" فأنا أول العابدين " وهي على هذا المعنى، قال أبو حاتم : العبد بكسر الباء : الشديد الغضب. وقال أبو عبيدة معناه : أول الجاحدين، والعرب تقول : عبدني حقي، أي جحدني.
سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢)
لما قال تعالى :﴿ فأنا أول العابدين ﴾ [ الزخرف : ٨١ ] نزه الرب تعالى عن هذه المقالة التي قالوها و: ﴿ سبحان ﴾ تنزيه. وخص ﴿ السماوات والأرض ﴾ و﴿ العرش ﴾ لأنها عظم المخلوقات.
وقوله تعالى :﴿ فذرهم يخوضوا ﴾ مهادنة ما وترك، وهي مما نسخت بآية السيف وقرأ الجمهور " يلاقوا " وقرأ أبو جعفر وابن محيصن :" حتى يلقوا ". وقال جمهور اليوم الذي توعدهم به هو القيامة. وقال عكرمة وغيره : هو يوم بدر.


الصفحة التالية
Icon