وقيل : إنها نزلت بسبب أن النضر بن الحارث ونَفَراً من قريش قالوا : إن كان ما يقول محمد حقاً فنحن نتولّى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه ؛ فأنزل الله :﴿ وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشفاعة إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق ﴾ أي اعتقدوا أن الملائكة أو الأصنام أو الجن أو الشياطين تشفع لهم ولا شفاعة لأحد يوم القيامة.
﴿ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق ﴾ يعني المؤمنين إذا أذِن لهم.
قال ابن عباس :"إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ" أي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وقيل : أي لا يملك هؤلاء العابدون من دون الله أن يشفع لهم أحد إلا من شهد بالحق ؛ فإن من شهد بالحق يشفع له ولا يشفع لمشرك.
و"إِلاَّ" بمعنى لكن ؛ أي لا ينال المشركون الشفاعة لكن ينال الشفاعة من شهد بالحق ؛ فهو استثناء منقطع.
ويجوز أن يكون متصلاً ؛ لأن في جملة "الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ" الملائكة.
ويقال : شَفَعْته وشَفَعْت له ؛ مثل كِلْته وكلْت له.
وقد مضى في "البقرة" معنى الشفاعة واشتقاقها فلا معنى لإعادتها.
وقيل :"إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ" إلا من تشهد له الملائكة بأنه كان على الحق في الدنيا، مع علمهم بذلك منه بأن يكون الله أخبرهم به، أو بأن شاهدوه على الإيمان.
الثانية قوله تعالى :﴿ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ يدل على معنيين : أحدهما أن الشفاعة بالحق غير نافعة إلا مع العلم، وأن التقليد لا يغني مع عدم العلم بصحة المقالة.
والثاني أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالماً بها.
ونحوه ما روي عن النبي ﷺ :" إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فَدَعْ " وقد مضى في "البقرة".
قوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ أي لأقرّوا بأن الله خلقهم بعد أن لم يكونوا شيئاً.


الصفحة التالية
Icon