وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) ﴾
لما ذكر تعالى حال أهل الجنة، وما يقال لهم من لذائذ البشارة، أعقب ذلك بذكر حال الكفرة، وما يجاوبون به عند سؤالهم.
وقرأ عبد الله : وهم فيها، أي في جهنم ؛ والجمهور : وهم فيه أي في العذاب.
وعن الضحاك : يجعل المجرم في تابوت من نار، ثم يردم عليه، فيبقى فيه خالداً لا يرى ولا يرى.
﴿ لا يفتر عنهم ﴾ : أي لا يخفف ولا ينقص، من قولهم : فترت عنه الحمى، إذا سكنت قليلاً ونقص حرها.
والمبلس : الساكت اليائس من الخير.
﴿ وما ظلمناهم ﴾ : أي ما وضعنا العذاب فيمن لا يستحقه.
﴿ ولكن كانوا هم الظالمين ﴾ : أي الواضعين الكفر موضع الإيمان، فظلموا بذلك أنفسهم.
وقرأ الجمهور : والظالمين، على أن هم فصل.
وقرأ عبد الله، وأبو زيد النحويان : الظالمون بالرفع، على أنهم خبرهم، وهم مبتدأ.
وذكر أبو عمرو الجرمي : أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ، ويرفعون ما بعده على الخبر.
وقال أبو زيد : سمعتهم يقرأون :﴿ تجدوه عند الله هو خير وأعظم أجراً ﴾ يعني : يرفع خير وأعظم.
وقال قيس بن دريج :
نحن إلى ليلى وأنت تركنها...
وكنت عليها بالملا أنت أقدر
قال سيبويه : إن رؤبة كان يقول : أظن زيداً هو خير منك، يعني بالرفع.
﴿ ونادوا يا مالك ﴾ : تقدم أنهم مبلسون، أي ساكتون، وهذه أحوال لهم في أزمان متطاولة، فلا تعارض بين سكوتهم وندائهم.
وقرأ الجمهور : يا مالك.
وقرأ عبد الله، وعليّ، وابن وثاب، والأعمش : يا مال، بالترخيم، على لغة من ينتظر الحرف.
وقرأ أبو السرار الغنوي : يا مال، بالبناء على الضم، جعل اسماً على حياله.
واللام في :﴿ ليقض ﴾ لام الطلب والرغبة.
والمعنى : يمتنا مرة حتى لا يتكرر عذابنا، كقوله :﴿ فوكزه موسى فقضى عليه ﴾ أي أماته.
﴿ قال ﴾ : أي مالك، ﴿ إنكم ماكثون ﴾ : أي مقيمون في النار لا تبرحون.


الصفحة التالية
Icon