وقال ابن عباس : يجيبهم بعد مضي ألف سنة، وقال نوف : بعد مائة، وقيل : ثمانين، وقال عبد الله بن عمرو : أربعين.
﴿ لقد جئناكم بالحق ﴾ : يظهر أنه من كلام الله تعالى.
وقيل : من كلام بعض الملائكة، كما يقول أحد خدم الرئيس : أعلمناكم وفعلنا بكم.
قيل : ويحتمل أن يكون ﴿ قد جئناكم ﴾ من قول الله لقريش بعقب حكاية أمر الكفار مع مالك، وفي هذا توعد وتخويف بمعنى : انظروا كيف يكون حالكم.
﴿ أم أبرموا ﴾ : والضمير لقريش، أي بل أحكموا أمراً من كيدهم للرسول ومكرهم، ﴿ فإنا مبرمون ﴾ كيدنا، كما أبرموا كيدهم، كقوله :﴿ أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون ﴾ وكانوا يتناجون ويتسارعون في أمر الرسول، فقال تعالى :﴿ أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم ﴾، وهو ما يحدث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال.
﴿ ونجواهم ﴾ : وهي ما تكلموا به فيما بينهم.
﴿ بلى ﴾ : أي نسمعها، ﴿ رسلنا ﴾، وهم الحفظة.
﴿ قل إن كان للرحمن ولد ﴾، كما تقولون، ﴿ فأنا أول ﴾ من يعبده على ذلك، ولكن ليس له شيء من ذلك.
وأخذ الزمخشري هذا القول وحسنه بفصاحته فقال : إن كان للرحمن ولد، وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح يوردونه، وحجة واضحة يبذلونها، فأنا أول من يعظم ذلك الولد، وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له، كما يعظم الرجل ولد الملك لعظم أبيه.
وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض، وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه، وأن لا يترك الناطق به شبهة إلا مضمحلة مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد، وهي محال في نفسها، فكان المعلق بها محالاً مثلها.
فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة، وفي معنى نفيها على أبلغ الوجوه وأقواها.
ثم قال الزمخشري : ونظيره أن يقول العدلي للمجبر.
ثم ذكر كلاماً يستحق عليه التأديب، بل السيف، نزهت كتابي عن ذكره.


الصفحة التالية
Icon