وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ يا عباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾
حكايةٌ لما يُنادَى به المتقونَ المتحابونَ في الله يومئذٍ تشريفاً لهم وتطييباً لقلوبِهم. ﴿ الذين ءامَنُواْ بآياتنا ﴾ صفةٌ للمُنادَى أو نُصب على المدحِ. ﴿ وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ ﴾ أي مُخلصينَ وجوهَهُم لنَا جاعلينَ أنفسَهُم سالمةً لطاعتِنا، وهو حالٌ من واوِ آمنُوا. عن مقاتلٍ : إذَا بعثَ الله النَّاسَ فزعَ كلُّ أحدٍ فُينادِي منادٍ يا عبادِي فيرفعُ الخلائقُ رؤوسَهُم على الرجاءِ ثم يتبعُها الذينَ آمنُوا الآيةَ فينكِّسُ أهلْ الأديانِ الباطلةِ رؤوسَهُم. ﴿ ادخلوا الجنة أَنتُمْ وأزواجكم ﴾ نساؤُكم المؤمناتُ. ﴿ تُحْبَرُونَ ﴾ تُسرُّون سروراً يظهرُ حَبارُه أي أثرُه على وجوهِكم، أو تُزينونَ من الحَبَرةِ وهو حُسن الهيئةِ، أو تُكرمونَ إكراماً بليغاً. والحَبْرةُ المبالغةُ فيما وصفَ بجميلٍ. ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ ﴾ بعدَ دخولِهم الجنَّةَ حسبَما أُمرِوا بهِ. ﴿ بصحاف مّن ذَهَبٍ وأكواب ﴾ كذلك. والصِّحافُ جمعُ صَحْفةٍ، قيلَ : هيَ كالقصعَةِ، وقيلَ : أعظمُ القِصَاعِ الجفنةُ ثم القصعةُ ثم الصحفةُ ثم المكيلةُ. والأكوابُ جمعُ كوبٍ وهو كوزٌ لا عُروةَ لَهُ. ﴿ وَفِيهَا ﴾ أي في الجَّنةِ ﴿ مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس ﴾ من فُنونِ الملاذِّ. وقُرِىءَ ما تَشْتَهي. ﴿ وَتَلَذُّ الأعين ﴾ أي تستلذُّه وتقرُّ بمشاهدتِه، وقُرِىءَ وتلذُّهُ ﴿ وَأَنتُمْ فِيهَا خالدون ﴾ إتمامٌ للنعمةِ وإكمالٌ للسرورِ، فإنَّ كلَّ نعيمٍ له زوالٌ بالآخرةِ مقارن لخوفِه لا محالةَ. والالتفاتُ للتشريفِ.