﴿ وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ ﴾ أي يدعُونهم، وقُرِىءَ بالتَّاءِ مخففاً ومشدداً ﴿ مِن دُونِهِ الشفاعة ﴾ كما يزعمُونَ ﴿ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق ﴾ الذي هُو التوحيدُ ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ بما يشهدونَ بهِ عن بصيرةٍ وإيقانٍ وإخلاصٍ، وجمعُ الضميرِ باعتبارِ مَعْنى مَنْ كمَا أنَّ الإفرادَ أولاً باعتبارِ لفظِها، والاستثناءُ إمَّا متصلٌ والموصولُ عامٌّ لكلِّ ما يُعبدُ من دونِ الله، أو مُنفصلٌ على أنَّه خاصٌّ بالأصنامِ. ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ ﴾ أي سألتَ العابدينَ والمعبودينَ ﴿ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ لتعذرِ الإنكارِ لغايةِ بطلانِه ﴿ فأنى يُؤْفَكُونَ ﴾ فكيفَ يُصرفونَ عن عبادتِه إلى عبادةِ غيرِه مع اعترافِهم بكونِ الكلِّ مخلوقاً له تعالى ﴿ وَقِيلِهِ ﴾ بالجرِّ، إمَّا على أنَّه عطفٌ على الساعةِ أيْ عندَهُ علمُ الساعةِ وعلم قولِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿ يَا رَبّ ﴾ الخ. فإنَّ القولَ والقيلَ والقالَ كلَّها مصادرُ، أو عَلى أنَّ الواوَ للقسمِ، وقولَه تعالَى :﴿ إِنَّ هَؤُلاَء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ ﴾ جوابُه. وفي الإقسامِ بهِ من رفعِ شأنِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام وتفخيمِ دُعائِه والتجائِه إليهِ تعالَى ما لا يَخْفى. وقُرِىءَ بالنصب بالعطفِ على سرَّهم أو على محلَّ الساعةِ أو بإضمارِ فعلهِ أو بتقديرِ فعلِ القسمِ، وقُرِىءَ بالرفعِ على الابتداءِ والخبرُ مابعدَهُ، وقد جُوِّزَ عطفُه على علمُ الساعةِ. ﴿ فاصفح عَنْهُمْ ﴾ فأعرضْ عن دعوتِهم واقنَطْ عن إيمانِهم ﴿ وَقُلْ سلام ﴾ أيْ أمري تسلمٌ منكم ومتاركةٌ. ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ حالَهم ألبتةَ وإنْ تأخرَ ذلكَ، وهو وعيدٌ من الله تعالَى لهم وتسليةٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم. وقُرِىءَ تعلمونَ على أنَّه داخلٌ في حيزِ قُلْ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾