وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ إِنَّ المجرمين ﴾
أي : أهل الإجرام الكفرية، كما يدل عليه إيرادهم في مقابلة المؤمنين الذين لهم ما ذكره الله سبحانه قبل هذا ﴿ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خالدون ﴾ لا ينقطع عنهم العذاب أبداً ﴿ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ ﴾ أي : لا يخفف عنهم ذلك العذاب، والجملة في محل نصب على الحال ﴿ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴾ أي : آيسون من النجاة، وقيل : ساكتون سكوت يأس، وقد مضى تحقيق معناه في الأنعام ﴿ وَمَا ظلمناهم ﴾ أي : ما عذبناهم بغير ذنب، ولا بزيادة على ما يستحقونه ﴿ ولكن كَانُواْ هُمُ الظالمين ﴾ لأنفسهم بما فعلوا من الذنوب.
قرأ الجمهور :﴿ الظالمين ﴾ بالنصب على أنه خبر كان، والضمير ضمير فصل.
وقرأ أبو زيد النحوي :( الظالمون ) بالرفع على أن الضمير مبتدأ، وما بعده خبره، والجملة خبر كان ﴿ وَنَادَوْاْ يامالك ﴾ أي : نادى المجرمون هذا النداء، ومالك هو : خازن النار.
قرأ الجمهور :﴿ يا مالك ﴾ بدون ترخيم.
وقرأ عليّ، وابن مسعود، ويحيى بن وثاب، والأعمش :( يا مال ) بالترخيم ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ بالموت، توسلوا بمالك إلى الله سبحانه ؛ ليسأله لهم أن يقضي عليهم بالموت ؛ ليستريحوا من العذاب ﴿ قَالَ إِنَّكُمْ ماكثون ﴾ أي : مقيمون في العذاب، قيل : سكت عن إجابتهم ثمانين سنة، ثم أجابهم بهذا الجواب، وقيل : سكت عنهم ألف عام، وقيل : مائة سنة، وقيل : أربعين سنة.
﴿ لَقَدْ جئناكم بالحق ﴾ يحتمل أن يكون هذا من كلام الله سبحانه، ويحتمل أن يكون من كلام مالك، والأوّل أظهر ؛ والمعنى : إنا أرسلنا إليكم الرسل، وأنزلنا عليهم الكتب، فدعوكم، فلم تقبلوا، ولم تصدّقوا، وهو معنى قوله :﴿ ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كارهون ﴾ لا يقبلونه، والمراد بالحق : كل ما أمر الله به على ألسن رسله، وأنزله في كتبه.
وقيل : هو خاص بالقرآن.
قيل : ومعنى ﴿ أكثركم ﴾ : كلكم.


الصفحة التالية
Icon