قال قتادة : يعبد في السماء، والأرض، وقيل : في بمعنى على، أي : هو القادر على السماء، والأرض كما في قوله :﴿ وَلأصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ النخل ﴾ [ طه : ٧١ ] وقرأ عمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، وابن مسعود :( وهو الذي في السماء الله وفي الأرض الله ) على تضمين العلم معنى المشتق، فيتعلق به الجار والمجرور من هذه الحيثية ﴿ وَهُوَ الحكيم العليم ﴾ أي : البليغ الحكمة الكثير العلم ﴿ وَتَبَارَكَ الذى لَهُ مُلْكُ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ تبارك : تفاعل من البركة، وهي : كثرة الخيرات، والمراد بما بينهما : الهواء، وما فيه من الحيوانات ﴿ وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة ﴾ أي : علم الوقت الذي يكون قيامها فيه ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ فيجازي كلّ أحد بما يستحقه من خير، وشرّ، وفيه وعيد شديد.
قرأ الجمهور :﴿ ترجعون ﴾ بالفوقية، وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، بالتحتية ﴿ وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشفاعة ﴾ أي : لا يملك من يدعونه من دون الله من الأصنام، ونحوها الشفاعة عند الله كما يزعمون أنهم يشفعون لهم.
قرأ الجمهور ﴿ يدعون ﴾ بالتحتية، وقرأ السلمي، وابن وثاب بالفوقية ﴿ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق ﴾ أي : التوحيد ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ أي : هم على علم، وبصيرة بما شهدوا به، والاستثناء يحتمل أن يكون متصلاً، والمعنى : إلا من شهد بالحق، وهم : المسيح، وعزير، والملائكة، فإنهم يملكون الشفاعة لمن يستحقها.
وقيل : هو منقطع، والمعنى : لكن من شهد بالحق يشفع فيه هؤلاء، ويجوز أن يكون المستثنى منه محذوفاً، أي : لا يملكون الشفاعة في أحد إلا فيمن شهد بالحق.
قال سعيد بن جبير، وغيره : معنى الآية : أنه لا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق، وآمن على علم، وبصيرة.
وقال قتادة : لا يشفعون لعابديها، بل يشفعون لمن شهد بالوحدانية.