وهناك رأى آخر أنا إليه أميل. ربما كان الدخان آية يكشف عنها الغد؟ وكما يوجل العالم الآن من ثقب " الأوزون " وخطره على الناس، قد تتمخض الآفاق عن مصيبة داهمة وعذاب أليم لما شاع فى الأرض من إلحاد وفسوق، ولما يلقاه الإسلام من خصومة وجفاء، ولما يوجه إلى شخص الرسول من مفتريات. عندئذ يجأر الناس إلى الله طالبين الرحمة، ونادمين على موقفهم الخائن من الرسالة الخاتمة. فهل يصدقون؟ أيا ما كان الأمر، فإن الحساب الجامع عند اللقاء الأخير، يومئذ توفى كل نفس ما قدمت وأخرت!! وقد بينت السورة أن حملة الوحى الأول مستهم البأساء والضراء، فإن موسى ناشد فرعون أن يطلق سراح قومه، وأن يتركهم ينطلقون معه إلى بلد آخر ولكن فرعون أبى إلا حبسهم على الأذى، فماذا كانت عاقبته ومن معه؟ أهلكوا جميعا " كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين ". والتاريخ يعيد نفسه، وعاقبة الظلمة فى كل عصر واحدة. والمهم أن أصحاب الدعوات يرتفعون إلى مستواها وتصدق أعمالهم أقوالهم، فإذا آل الأمر إليهم كانوا نماذج للعدل والطهر! والمحزن أن الصلاح قصير الأجل فى حياة أغلب المتدينين. فسرعان ما تغلبهم أهواؤهم ويحيدون عن تراث أنبيائهم. يقول تعالى فى اليهود " ولقد اخترناهم على علم على العالمين * وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ". فماذا فعلوا بعدما تحرروا وملكوا؟ أظهروا فى الأرض الفساد فمزقهم القدر الساهر.. واختار القدر بعدهم العرب، وأورثهم القرآن العظيم، فساروا به أشواطا ثم تخفوا عنه إلا قليلا، فأدركهم العقاب العتيد المرصد لكل منحرف، فهم الآن شراذم يلغ فى دمها كل جبار! إن الذين يخلصون للوحى يرثون خير الدنيا والآخرة. ذلك هو وعد الله للمؤمنين الصالحين. وأصحاب الحضارة الحديثة على قدر كبير من الذكاء، بيد أنهم لا يلتفتون للحياة الآخرة، ولا يخطر ببالهم أنهم ملاقو الله


الصفحة التالية
Icon