يقول القائل: كيف استثنى موتا فى الدنيا قد مضى من موت الآخرة، فهذا مثل قوله: ﴿ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم من النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ﴾ فإلاّ فى هذا لموضع بمنزلة سوى، كأنه قال: لا تنكحوا، لا تفعلوا سوى ما قد فعل آباؤكم، كذلك قوله: ﴿لا يذُوقون فيها الموتَ﴾. سوى الموتة الأولى، ومثله: ﴿خالدِينَ فيها ما دَامتِ السّماوَاتُ والأرضُ إِلا مَا شَاءَ ربُّك﴾ أى سوى ما شاء ربك لهم من الزيادة على مقدار الدنيا من الخلود. وأنت قائل فى الكلام: لك عندى ألفٌ إِلاَّ ما لَكَ من قِبَل فلان، ومعناه: سوى مالك علىّ من قِبَل فلان، وإلا تكون على أنها حطٌّ مما قبلها وزيادة عليها فما ذكرناه لك من هذه الآيات فهو زيادة على ما قبل إلا، والحط مما قبلَ إلا قولُك: هؤلاء ألفٌ إلاَّ مائًة فمعنى هذه ألف ينقصون مائة.
وقوله: ﴿وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ... فضلاً...﴾.
أى فعله تفضلا منه، وهو مَّما لو جاء رفعا لكان صوابا أى : ذلك فضل من ربك. أ هـ ﴿معانى القرآن / للفراء حـ ٣ صـ ٣٩ ـ ٤٤﴾