وأما الأعمال فلبعضها أيضا فضل وشرف على بعض بالنسبة لفاعلها وللزمان والمكان المعمولة فيه وبحسب النيات والمقاصد والإخلاص، قال ابن الفارض رحمه اللّه :
وعندي عيد كل وقت أرى به جمال محياها سبعين قريرة
وكل الليالي ليلة القدر إن دنت كما كل أيام اللقا يوم جمعة
أما التسمية فمقتضى الحال سميت ليلة القدر لما يقدر اللّه تعالى فيها من الأمور، وسميت مباركة لما يعود فيها من البركة على العاملين فيها وليلة الرحمة لما يقع فيها من رحمات الرحمن على عباده، وسميت ليلة البراءة ليلة النصف من شعبان لما أن من قبل فيها برىء من الذنوب وصار كيوم ولدته أمه نقيا وليلة الإجابة لما أن اللّه يطلع فيها على عباده فيجيب ما يطلبونه منه، وليلة العرض لما فيها من اطلاع اللّه تعالى على عباده المتعرضين لألطافه، وليلة الصك لأن العامل إذا استوفى الخراج من الناس أعطاهم صكا بوفاء ما عليهم من الذّمة فكذلك الباري جل جلاله يكتب لعباده المقبولين صكا بقبول أعمالهم وغفران ذنوبهم، ويوم العيد لأن اللّه تعالى يعود بالإحسان على عباده فيه، وقد جاء في الخبر : إذا كان يوم العيد وخرج الناس إلى الجبّانة يقول اللّه تعالى ما حق الأجير إذا أكمل عمله ؟ فتقول الملائكة أن يعطى أجره، فيقول اللّه اشهدوا أني قد غفرت لهم.
وليلة التروية لأن الخليل رأى فيها ذبح ولده، وليلة عرفة لأنه عرف أن تلك الرؤيا من اللّه حقا فعزم على تنفيذها، ويوم النحر لنحر إبراهيم ولده إسماعيل وفاء لأمر ربّه.
هذا، وما قيل إن آدم عليه السلام تلاقى مع حواء في عرفة فسمي به لم يثبت ثبوتا يصح الاستناد إليه ويستدل فيه، وهكذا لم يوضع اسم إلا لمعنى في الأصل زمن وضعه واللّه أعلم.