أخرج الترمذي وقال حديث صحيح عن ابن عباس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه، أجارنا اللّه ثم يقال لذلك الأثيم بعنف وشدة "خُذُوهُ" جرّوه واسحبوه "فَاعْتِلُوهُ" احملوه وأوقعوه "إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ" ٤٧ وسطها "ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ" ٤٨ الماء الشديد الغليان وإضافة العذاب إلى الحميم إضافة مبالغة أي عذابا هو الحميم، وسمي عذابا لعظم حرارته، ثم يقال له على سبيل التبكيت والتحقير "ذُقْ" هذا أحد أنواع العذاب المخصّصة لك "إِنَّكَ" تزعم في الدنيا "أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ" ٤٩ عند قومك وتصف نفسك بهاتين الصفتين، ولا تعلم أيها الكافر أن العزيز من أعزه اللّه، لا من أعزته الدنيا بحطامها، والكريم من أكرمه اللّه لا من احترمه الناس لماله أو جاهه أو عشيرته أو رياسته :
مطلب دعاء أبي جهل في الدنيا ومأواه في الآخرة ونعيم الجنة ومعنى الموتة الأولى :
قيل كان أبو جهل يقول : ما بين لابتيها (يريد مكة) أعز وأكرم مني فتقول له خزنة جهنم على طريق التوبيخ والتقريع والسخرية (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ).
واعلم أن لفظ الشجرة فيها ثلاث لغات : فتح الشين وكسرها وإبدال الجيم ياء، ويوجد الآن طائفة من العرب في العراق ينطقون الجيم ياء فيقولون ريل بدل رجل.
ويقال لهذا الأثيم أيضا "إِنَّ هذا" العذاب جزاء "ما كُنْتُمْ بِهِ"
في الدنيا "تَمْتَرُونَ" ٥٠ تشكون بصحته ولا تصدقون من أخبركم به، هذا وقد علمت أن هذه الآية عامة في جميع الكفار فيدخل فيها أبو جهل وأضرابه دخولا أوليا لأنهم كانوا يقاومون حضرة الرسول بأنواع المقاومات وهو أكرم الخلق وأعزهم على اللّه.
انتهى وصف حال أهل النار حمانا اللّه منها.
وهناك وصف أهل الجنة، رزقنا اللّه إياها،