قال تعالى "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ" ٥١ من كل سوء، والمقام بفتح الميم المكان وهو من الخاص الذي استعمل بمعنى العام، وبالضم موضع الإقامةِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ"
٥٢ جارية خلالها لزيادة البهجة وحسن النضارة، وأهل هذه الجنات "يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ" الحرير الرقيق "وَإِسْتَبْرَقٍ" ما ثخن منه ويسمى ديباج قيل هو أعجمي معرب أو أنه خرج من الأعجمية لاستعماله في العربية قبل نزول القرآن.
ومعنى التعريب جعل الكلام الأعجمي عربيا لتصرفه وإجرائه مجرى الكلمات العربية بتغيره عن منهاجه الأعجمي وتمشيته على أوجه الإعراب، راجع الآية ١٨٢ من سورة الشعراء في ج ١، تقف على جميع الكلمات الموجودة في القرآن المقول فيها إنها أعجمية هي عربية، "مُتَقابِلِينَ" ٥٣ يعني هؤلاء الأبرار في جلوسهم، ينظر بعضهم إلى بعض بشوق ومحبة، وهذا من آداب المجالسة والمخاطبة، لأن في الصدود وإعطاء الظهر للجليس والمخاطب إهانة وعدم اكتراث بكلامه، راجع الآية ٤٤ من سورة الصافات المارة والآية ١٦ من سورة الواقعة في ج ١، "كَذلِكَ" كما أكرمناهم بما ذكرنا، فقد أحببناهم "وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ" ٥٤ نقيات بيض واسعات الأعين يحار الرائي من وصفهن "يَدْعُونَ فِيها" يطلبون أهل الجنة "بِكُلِّ فاكِهَةٍ" أرادوها فتحضر لهم حالا "آمِنِينَ ٥٥ من تعب قطفها وانقطاعها وغسلها، لأن ثمر الجنة يدنو لطالبه، دائما لا ينقطع، طاهر زكي لا يتقيد بموسم، أو بقطر كثمار الدنيا ولا ينقص، إذ يخلق اللّه بدله حين قطفه، ومهما أكثروا من أكلها فهم بمأمن من مضرّتها، بخلاف ثمار الدنيا، لأن اللّه تعالى جعل في كل قطر زمنا للفواكه والخضراوات بحسب ما يوافق أهله، والبيئة التي هم فيها، حتى ان الحكماء الأقدمين حذروا أكلها بغير موسمها، وقبل نضجها، ولو علم اللّه فيها خيرا لهم لجعلها دائمة