فصل
قال الفخر :
﴿ حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
في قوله ﴿حم * والكتاب المبين﴾ وجوه من الاحتمالات أولها : أن يكون التقدير : هذه حام والكتاب المبين كقولك هذا زيد والله وثانيها : أن يكون الكلام قد تمّ عند قوله ﴿حم﴾ ثم يقال ﴿والكتاب المبين * إِنَّا أنزلناه﴾، وثالثها : أن يكون التقدير : وحام، والكتاب المبين، إنا أنزلناه، فيكون ذلك في التقدير قسمين على شيء واحد.
المسألة الثانية :
قالوا هذا يدل على حدوث القرآن لوجوه الأول : أن قوله ﴿حم﴾ تقديره : هذه حام، يعني هذا شيء مؤلف من هذه الحروف، والمؤلف من الحروف المتعاقبة محدث الثاني : أنه ثبت أن الحلف لا يصح بهذه الأشياء بل بإله هذه الأشياء فيكون التقدير ورب حام ورب الكتاب المبين، وكل من كان مربوباً فهو محدث الثالث : أنه وصفه بكونه كتاباً والكتاب مشتق من الجمع فمعناه أنه مجموع والمجموع محل تصرف الغير، وما كان كذلك فهو محدث الرابع : قوله ﴿إِنَّا أنزلناه﴾ والمنزل محل تصرف الغير، وما كان كذلك فهو محدث، وقد ذكرنا مراراً أن جميع هذه الدلائل تدل على أن الشيء المركب من الحروف المتعاقبة والأصوات المتوالية محدث، والعلم بذلك ضروري بديهي، لا ينازع فيه إلا من كان عديم العقل وكان غير عارف بمعنى القديم والمحدث، وإذا كان كذلك فكيف ينازع في صحة هذه الدلائل، إنما الذي ثبت قدمه شيء آخر سوى ما تركب من هذه الحروف والأصوات.
المسألة الثالثة :