يجوز أن يكون المراد بالكتاب ههنا الكتب المتقدمة التي أنزلها الله على أنبيائه، كما قال تعالى :﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان﴾ [ الحديد : ٢٥ ] ويجوز أن يكون المراد اللوح المحفوظ، كما قال :﴿يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكتاب﴾ [ الرعد : ٣٩ ] وقال :﴿وَإِنَّهُ فِى أُمّ الكتاب لَدَيْنَا﴾ [ الزخرف : ٤ ] ويجوز أن يكون المراد به القرآن، وبهذا التقدير فقد أقسم بالقرآن على أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن، فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم رجل له حاجة إليه : أستشفع بك إليك وأقسم بحقك عليك.
المسألة الرابعة :
﴿المبين﴾ هو المشتمل على بيان ما بالناس حاجة إليه في دينهم ودنياهم، فوصفه بكونه مبيناً، وإن كانت حقيقة الإبانة لله تعالى، لأجل أن الإبانة حصلت به، كما قال تعالى :﴿إِنَّ هذا القرءان يَقُصُّ على بني إسرائيل﴾ [ النمل : ٧٦ ] وقال في آية أخرى ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾ [ يوسف : ٣ ] وقال :﴿أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سلطانا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ [ الروم : ٣٥ ] فوصفه بالتكلم إذ كان غاية في الإبانة، فكأنه ذو لسان ينطق، والمعنى فيه المبالغة في وصفه بهذا المعنى.
المسألة الخامسة :
اختلفوا في هذه الليلة المباركة، فقال الأكثرون : إنها ليلة القدر، وقال عكرمة وطائفة آخرون : إنها ليلة البراءة، وهي ليلة النصف من شعبان أما الأولون فقد احتجوا على صحة قولهم بوجوه أولها : أنه تعالى قال :