الأوقات وماعيته لأنه لم يكن معيناً جوز المكلف في كل وقت معين أن يكون هو ذلك الوقت الشريف فيصير ذلك حاملاً له على المواظبة على الطاعات في كل الأوقات، وإذا وقعت على هذا الحرف ظهر عندك أن الزمان والمكان إنما فازا بالتشريفات الزائدة تبعاً لشرف الإنسان فهو الأصل وكل ما سواه فهو تبع له، والله أعلم.
المسألة السادسة :
روي أن عطية الحروري سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله ﴿إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةِ القدر﴾ [ القدر : ١ ] وقوله ﴿إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةٍ مباركة﴾ كيف يصح ذلك مع أن الله تعالى أنزل القرآن في جميع الشهور ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : يا ابن الأسود لو هلكت أنا ووقع هذا في نفسك ولم تجد جوابه هلكت، نزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور، وهو في السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك في أنواع الوقائع حالاً فحالا، والله أعلم.
المسألة السابعة :
في بيان نظم هذه الآيات، اعلم أن المقصود منها تعظيم القرآن من ثلاثة أوجه أحدها : بيان تعظيم القرآن بحسب ذاته الثاني : بيان تعظيمه بسبب شرف الوقت الذي نزل فيه الثالث : بيان تعظيمه بحسب شرف منزلته، أما بيان تعظيمه بحسب ذاته فمن ثلاثة أوجه أحدها : أنه تعالى أقسم به وذلك يدل على شرفه وثانيها : أنه تعالى أقسم به على كونه نازلاً في ليلة مباركة، وقد ذكرنا أن القسم بالشيء على حالة من أحوال نفسه يدل على كونه في غاية الشرف وثالثها : أنه تعالى وصفه بكونه مبيناً وذلك يدل أيضاً على شرفه في ذاته.